للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان يجيد قراءة القرآن المجيد، ويؤدي الروايات بصوت حسن، ويقرأ في الختم، وكان له تصدير بالجامع الأموي، وشاع في قوت أنه أُذن له في الفتوى، وكان جميل الشكل (١).

وفي صبيحة يوم الأربعاء سابع رجب صُلِّي على القاضي زين الدين (٢) بن النُّجَيْح نائب القاضي الحنبلي، بالجامع المظفَّري، ودفن بسفح قاسيون، وكان مشكورًا في القضاء، لديه فضائل كثيرة، وديانة وعبادة، وكان من أصحاب الشيخ تقي الدين بن تيمية، وكان قد وقع بينه وبين القاضي الشافعيّ مشاجرات بسبب أمور، ثم اصطلحا فيما بعد ذلك.

وفي يوم الإثنين ثاني عشره بعد أذان الظهر حصل بدمشقَ وما حولها ريح شديدة أثارت غبارًا شديدًا اصفرّ الجو منه ثم اسود حتى أظلمت الدنيا، وبقي الناس في ذلك نحوًا من ربع ساعة يستجيرون الله ويستغفرون ويبكون، مع ما هم فيه من شدة الموت الذريع، ورجا الناس أن هذا الحال يكون ختام ما هم فيه من الطاعون، فلم يزدد الأمر إلا شدة، وبالله المستعان.

وبلغ المصلَّى عليهم في الجامع الأموي إلى نحو المئة وخمسين، وأكثر من ذلك، خارجًا عمَّن لا يؤتى بهم إليه من أرجاء البلد وممّن يموت من أهل الذمة، وأما حواضر البلد وما حولها فأمر كثير، يقال: إنه بلغ ألفًا في كثير من الأيام، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وصلّي بعد الظهر من هذا اليوم بالجامع المظفري على الشيخ إبراهيم (٣) بن المُحبّ، الذي كان يحدث في الجامع الأموي وجامع تَنْكز، وكان مجلسه كثير الجمع لصلاحه وحسن ما كان يؤديه من المواعيد النافعة، ودفن بسفح قاسيون، وكانت جنازته حافلة .

وعملت المواعيد بالجامع الأموي ليلة سبع وعشرين من رجب يقولون ليلة المعراج، ولم يجتمع الناس فيه على العادة لكثرة من مات منهم، ولشغل كثير من الناس بمرضاهم وموتاهم، واتفق في هذه الليلة أنه تأخر جماعة من الناس في الخيم ظاهر البلد، فجاؤوا ليدخلوا من باب النصر على عادتهم في ذلك، فكأنه اجتمع خلق منهم بين البابين فهلك كثير منهم كنحو ما يهلك الناس في هذا الحين على الجنائز، فانزعج نائب السلطنة فخرج فوجدهم فأمر بجمعهم، فلما أصبح الناس أمر بتسميرهم ثم عفا


(١) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل. من قوله: وفي يوم الأحد رابعه.
(٢) ترجمته في الذيل للحسيني ص (٢٧٣) وفيه: زين الدين عمر بن سعد الله بن النَّجَيج الحراني. وذيل طبقات الحنابلة (٢/ ٤٤٣) والدرر الكامنة (٣/ ١٦٦). وفي الوفيات لابن رافع (٢/ ٨٥ - ٨٦) وفيه: عمر بن سعد الله بن عبد الأحد بن سعد الله بن بُخَيْخ. نقلًا عن المشتبه في الرجال (١/ ٥١) فليحرر.
(٣) ترجمته في الذيل للحسيني ص (٢٧٨) والوفيات لابن رافع (٢/ ٩١) والدرر الكامنة (١/ ٩) وفيه: إبراهيم بن أحمد. وذيول تذكرة الحفاظ ص (٥٧).

<<  <   >  >>