للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرسم له بالتدريس، فركب القضاة المذكورون وبعضُ الحجَّاب في خدمته إلى المدرسة المذكورة، واجتمع الفضلاء والأعيان، ودرَّس الشيخ شرف الدين المذكور، وبث فضائل كثيرة، وفرح الناس به. شهر شوال، أوّله الخميس، كان قد وقع مطر كثير، فحضر نائب السلطنة يوم العيد إلى الجامع، وخطب الخطيب بالجامع، ولم يخرج إلى المصلّى.

وقدم في هذا اليوم إلى دمشق نائب طرابلس الأمير بدر الدين ابن الخطير معزولًا عنها، قاصدًا إلى الديار المصرية على تقدمة ألفٍ بها، فأقام أيامًا قلائل، ثم ذهب مع السّلامة.

وفي يوم الإثنين خامسه اجتمع القضاة بمشهد عثمان بسبب نصرانيّ صدرَ منه سبُّ، فأسلم فحكم القاضي الحنبلي بقتله، مع علمه بالخلاف، فقُتل من يومه؛ لأنّ الذي صدر منه لا يتفوَّه به إلا زنديق.

وفي يوم الإثنين ثاني عشره خرج المحمل والحجاج، وأمير الركب ساطْلِمش الجلالي أمير طبلخاناه (١).

وفيه كان في جملة من توجه إلى الحجّ في هذا العام نائب الديار المصرية ومدبَّر ممالكها الأمير سيف الدين بَيْبُغَا (٢) الناصري، ومعه جماعة من الأمراء، فلمَّا استقلَّ النَّاسُ ذاهبين نهض جماعة من الأمراء على أخيه الأمير سيف الدين مَنْجك، وهو وزير المملكة، وأستاذ دار الأستادارية، وهو باب الحوائج في دولتهم، وإليه يرحل ذوو الحاجات بالذَّهب والهدايا، فأمسكوه، وجاءت البريدية إلى الشام في أواخر هذا الشهر بذلك (٣).

وبعد أيام يسيرة وصل الأمير سيف الدين شَيْخُون (٤)، وهو من أكابر الدولة المصرية تحت التَّرسيم، فأدخل إلى قلعة دمشق، ثم أخذ منها بعد ليلة فذهب به، قيل: إلى الإسكندرية، فالله أعلم (٥). وجاء البريد بالاحتياط على ديوانه وديوان مَنْجك بالشام وأُيسَ من سلامتهما.

وكذلك وردت الأخبار بمسك بَيْبُغا في أثناء طريق الحج، وأُرسل سيفُه إلى السلطان، وقدم أمير من الديار المصرية فحلَّف الأمراء لطاعة السُّلطان، وكذلك سار إلى حلبَ فحلف من بها من الأمراء ثم عادَ إلى دمشقَ ثم عاد راجعًا إلى الديار المصرية، وحصل له من الأموال شيء كثير من النواب والأمراء.

شهر ذي القعدة، أوّله السبت، وقيل: الجمعة - في يوم السبت خامس عشره زُين البلد، ودُقت


(١) ليست في أ وب وط، وهي في الأصل. من قوله شهر شوال، أوله الخميس.
(٢) في ط: يلبغا
(٣) الدرر الكامنة (٤/ ٣٦١) النجوم الزاهرة (١٠/ ٢١٨) الذيل التام (١/ ١١٥).
(٤) في الدرر الكامنة (٢/ ١٩٦): شَيْخُو.
(٥) النجوم الزاهرة (١٠/ ٢١٨).

<<  <   >  >>