للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلطنة لأبيه (١)، وابن خالته، وصلي عليه ظاهر باب النصر، ودفن غربي مقابر الصوفية، وكان جنازته حافلةٌ خدمة لأخيه نائب السلطنة.

وتوفي الشيخ صفي الدين ابن قاضي القضاة شمس الدين بن الحريري الحنفي (٢)، مدرّس الصّادريّة يوم السبت تاسعه، بمدرسته، ودفن يومئذٍ، وكان نحيل البدن جدًّا، فيه سذاجة وتغفيل وبلادة، وربّما أُسند إليه كثير من النّاس من الأشياء السّامجة، نظير ما كان يُسند إلى جحا، وكان فيه ذلك مع دين ورئاسة وتجمّل، وسجّيه حسنة، فالله يغفر له ولنا آمين.

وفي صبيحة يوم الأحد عاشره درّس الفقيه الفاضل شهاب الدين البعلي المعروف بابن النقيب، وحضر عنده جماعة من القضاة وغيرهم، وأخذ في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٦٤] والكلام على ذلك.

وفي صبيحة يوم الخميس الثامن والعشرين منه لبس الأمير بَيْبُغَا دويدار ملك الأمراء خلعة بإمرة طبلخاناة، ومشى معه الأمراء والحجبةُ إلى داره على العادة، واحتفلوا له زائدًا؛ لكونه دويدارًا. وحُملت له الشموع، ونثرت الدّراهم والدّنانير على الناس، ودقت المغاني والطبلخاناة، ولبس استاذ دار نائب السلطنة أيضًا خلعةً بالإمرةِ لعشرة التي كانت بيد الدويدار المذكور.

شهر ربيع الآخر، أوّله الأحد، في ليلة الجمعة الثامن والعشرين منه تكلّم في مئذنة العروس من الجامع الأموي مؤذّن السلطان، وهو شمس الدين محمد بن الخطيب، ورد على البريد من الديار المصريّة إلى زيارة الأمير طاز، طلبه من السلطان، فأذّن بعد العشاء أذانًا حسنًا بليغًا بصوت شجيٍّ طيب رخيم، ثم أنشد أبياتًا، ثم سلّم هو وحسن الكتّاني، هذا مرّةٌ، وهذا مرّة، وقد امتلأ صحن الجامع جميعه على خلاف العادة أكثر من ليالي النصف، وكان وقتًا مشهودًا، وطال ذلك جدًّا.

شهر جمادى الآخرة، أوّله الإثنين (٣)، ووقع في هذا الشهر نزاع بين الحنابلة في مسألة المناقلة، وكان ابن قاضي الجبل (٤) الحنبلي يحكم بالمناقلة في قرار دار الأمير سيف الدين طَيْدَمُر الإسماعيلي (٥) حاجب الحجَّاب إلى أرض أخرى يجعلها وقفًا على ما كانت قرار داره، عليه ففعل ذلك بطريقه، ونفذه القضاة الثلاثة الشافعي والحنفي والمالكي، فغضب القاضي الحنبلي، وهو قاضي القضاة جمال الدين المَرْداوي المقدسي


(١) الأمير علي المارداني.
(٢) هو أحمد بن محمد بن عثمان. ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ١٠٢، نقلًا عن ابن كثير، وليس في المطبوع منه. والدرر الكامنة ١/ ٢٧٩ - ٢٨٠، والذيل التام ١/ ١٥٣.
(٣) ليس في أ وب، وط، وهي في الأصل. من قوله: شهر المحرّم أوّله الثلاثاء، قدم الأمير بَيْبُغا.
(٤) هو: شرف الدين أحمد بن قاضي القضاة حسن مات سنة (٧٧١) هـ. الوفيات لابن رافع (٢/ ٣٥٤).
(٥) طَيْدَمُر الإسماعيلي الحاجب، أُمِّر بدمشق ثم قبض عليه، ومات سنة (٧٣٩) هـ.

<<  <   >  >>