للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كرسيّ الحديث عند باب مشهد علي من جهة القاضي المالكي، فذهب معه أهل ميعاده برُمتَّهم يهللون ويكبّرون إلى دار القاضي، فنقم عليه أنّه استفتح ميعاده الذي أذن له في العود إليه، وكان قد منعه قبل ذلك، بعد منعه منه شهرًا بآية، توهم أنّه عرّض فيها بالقاضي الذي منعه، فتنصَّل من ذلك، وشهد له جماعةٌ من الناس أنها الآية التي انتهى إلى قراءتها، فأطلق سراحه.

وفي يوم الإثنين خُلع على حاجب الحجّاب، جديد قدم من نيابة دَرَنْدة (١)، وهو سيف الدين طَيْبُغا.

وفي هذا اليوم قُرئ بالجامع الأموي الاستثمار الذي جاء من الديار المصرية بسبب الجامع الأموي وما قُبض من المرتبات عليه، ومن المباشرين والمعاليم، وحضر القضاة والناظر، وهو الصاحب تقي الدين ابن مراجل الذي جاء توقيعه به من الديار المصرية عودًا على بدءٍ، بعدما كان له في نظره ثمانٍ وعشرون سنة، فإنّه عزله تنكز سنة إحدة وثلاثين، ثم أُعد في هذه الأيام، بإشارة الأمير صَرْغتمش مدير الممالك، وخُلع عليه يوم السبت ثاني عشره، ففرح أكثر الناس بعوده إليه لحسن مباشرته، لعفّته وأمانته، وعدم مراعاته لأحدٍ من أرباب الجهوات. وقد باشر قبل لبس الخلعة أيامًا، فحصّل في نحو عشرة الأيام للجامع نحوًا من أربعين ألفًا، وضعها في القبة الغربية في دفعات، وأصلح في الجامع أماكن كثيرة، كانت قد وهَتْ في مددٍ متطاولة، واستعمل الفرش الكثيرة، ورسم بألّا تطفأ القناديل من أرجاء الجامع بكرةً وعشيًا، حتى يفرغ جميع الأئمة من الصلوات؛ لئلّا يشوّشوا على الناس بالظّلمة، فاستحسن ذلك جدًّا، ونفذّ ما جاء في الاستثمار أتمّ تنفيذ، واسترجع أموالًا كانت قد وقفت للجامع، أو تناولها بعضُ من لا يستحِقُّها، وازدادت واردات الأجور في الرباع زيادة كثيرة، وأَلزم المصدَّرين والأئمة بالمباشرة وعدم الاستنابة، وأقام عليهم كتّاب الغيبة، فحضر المشايخ كلُّهم، وصار الجامع آهلًا بالمصدّرين والمفتين والمشتغلين والأئمة والمؤذّنين والقَوَمة والسّدَنة. ولله الحمد.

ووقعت في هذا الشهر سقعةٌ (٢) عظيمة حطّمت شيئًا كثيرًا من الأشجار، مثل الجوز واللوز والمشمش والدراقن والتّوت وغير ذلك. وأفسدت أشياء كثيرة بالكليّة.

هذا وأهل حوران في غاية ما يكون من القلّة والقتال ونهب الأموال وقتلُ رجالٍ وأطفال. وقعة العشير بحوران عند قرية عتيل (٣). وفي يوم الأحد السابع والعشرين منه، فيما بلغنا بعده بأيامٍ، كانت الوقعة بين بني أسد وبني هلال بالقرب من قرية عتيل، وكانت الدائرة على بني أسد، لأن بني هلال كانوا فيما ذكر


(١) ليست في أ و ب و ط، وهي في الأصل.
(٢) السقعة، لهجة دمشقية، تعني الصقيع.
(٣) في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ١٣٥: قرية عقيل. وهو تحريف.
وعتيل: قرية معروفة في حوران.

<<  <   >  >>