للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقتل من حواشيهم وأخذ خيولهم، وأنهم ساروا جرائد بغير شيء مسلوبين إلى الديار المصرية، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

شهر صفر المبارك، أوّله الجمعة، وفي أوّله اشتُهر فيه وتواتر خبر الفناء الذي بالديار المصرية بسبب كثرة المستنقعات من فيض النيل عندهم، على خلاف المعتاد، فبلغنا أنه يموت من أهلها كل يوم فوق الألفين، فأما المرض فكثير جدًّا، وغلت الأسعار لقلة من يتعاطى الأشغال، وغلا السكر والمياه (١) والفاكهة جدًّا، وبرز السلطان إلى ظاهر البلد، وحصل له تشويش أيضًا، ثم عوفي بحمد الله (٢).

شهر ربيع الأول، أوّله السبت، في يوم الإثنين الرابع والعشرين منه توجّه الوزير (٣) بدمشق إلى الديار المصرية مكرّمًا معظّما، موعودًا بوزارة مصر، وخرج القضاة والكبراء والولاة لتوديعه.

شهر ربيع الآخر، أوّله الإثنين، في الثالث منه (٤). قدم من الديار المصرية ابن الجحَّاف رسول صاحب العراق لخطبة بنت السلطان، فأجابهم إلى ذلك بشرط أن يُصدِقَها مملكة بغداد، وأعطاهم سنجقًا (٥) سلطانيًا، وأطلق لهم من التحف والخلع والأموال شيئًا كثيرًا، ورسم للرسول بمشترى قرية من بيت المال لتوقف على الخانقاه التي يريد أن يتخذها بدمشقَ قريبًا من الطَّواويس، وقد خرج لتلقِّيه نائب الغيبة وهو حاجب الحجاب، والدولة والأعيان.

وقرأتُ في يوم الأحد سابعه كتابًا، ورد من حلب بخط الفقيه العدل شمس الدين العراقي من أهلها، ذكر فيه أنه كان في حضرة نائب السلطنة في دار العدل يوم الإثنين السابعَ عشرَ من ربيع الأول، وأنه أحضر رجل قد ولد له ولد عاش ساعة ومات، وأحضره معه وشاهده الحاضرون وشاهده كاتب الكتاب، فإذا هو شكلٌ سَوِيٌّ له على كل كتف رأس بوجه مستدير، والوجهان إلى ناحية واحدة فسُبحان الخلاق العليم (٦).

وبلغنا أنه في هذا الشهر سقطت المنارة التي بنيت للمدرسة (٧) السلطانية بمصر، وكانت مُتَّخذَة (٨) على صفة غريبة، وذلك أنها منارتان على أصل واحد فوق قبو الباب الذي للمدرسة المذكورة، فلما سقطت أهلكت خلقًا كثيرًا من الصُّنَّاع بالمدرسة والمارة والصبيان الذين في مكتب المدرسة، ولم ينجُ من


(١) في ط: الأمياه.
(٢) النجوم الزاهرة (١٠/ ٣١١).
(٣) هو فخر الدين بن قروينة.
(٤) ليست في أ و ب و ط. وهي في الأصل.
(٥) في ط: مستحقًا. وهو تحريف.
(٦) بدائع الزهور (١/ ٥٨٥) وفيه: الإثنين سادس عشري.
(٧) هي المدرسة الحسينية.
(٨) في ط: مستجدة والتصويب من الذيل التام (١/ ١٧٨).

<<  <   >  >>