للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصبيان فيما ذكر شيء سوى ستَّة (١)، وكان جملة من هلك بسببها نحو ثلاثمئة نفس، وقيل: أكثر، وقيل: أقل، فإنا لله وإنا إليه راجعون (٤).

وخرج نائب السلطنة الأمير سيف الدين بَيْدَمُر إلى الغيضة لإصلاحها وإزالة ما فيها من الأشجار المؤذية والدّغل يوم الإثنين التاسع والعشرين من الشهر، وكان سلخه، وخرج معه جميع الجيش من الأمراء وأصحابه، وأجناد الحلقة برمتهم لم يتأخر منهم أحد، وكلهم يعملون فيها بأنفسهم وغلمانهم، وأحضر إليهم خلق من فلاحي المرج والغوطة وغير ذلك، ورجع يوم السبت خامس الشهر الداخل وقد نظفوها من الغل والدغل والغش.

شهر جمادى الأولى، أوّله الثلاثاء، وفي صبيحة يوم الأربعاء ثانيه درّس القاضي تقي الدين عبد الله ابن القاضي جمال الدين يوسف ابن قاضي القضاة شرف الدين أحمد بن الحسين الحنفي الكفري بالمدرسة الطَّرخانية بناحية جيرون، نزل له أبوه عنها، كما نزل جدُّه لأبيه عنها، وكما نزل جدُّه لجدّه عنها فهو رابع أربعة نَسَقًا يدرسون فيها من سنة خمس وسبعين وستمئة.

كما أخبر بذلك قاضي القضاة المذكور، وحضر عنده القضاة والأعيان والفضلاء من سائر المذاهب، وأخذ في قوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ [الفتح: ١].

وتكلم عليها من عدّة فنون، وأورد ما أورده بعبارة فصيحة (٢).

واتفقت كائنة غريبة لبعض السؤال، وهو أنه اجتمع جماعة منهم قبل الفجر ليأخذوا خبزًا من صدقة تربة امرأة ملك الأمراء تَنْكز عند باب الخواصين، فتضار بوا فيما بينهم فعمدوا إلى رجل منهم فخنقوه خنقًا شديدًا، وأخذوا منه جرابًا فيه نحو من أربعة آلاف درهم. وشيء من الذهب وذهبوا على حمية، وأفاق هو من الغشي فلم يجدهم، واشتكى أمره إلى متولّي البلد فلم يظفر بهم إلى الآن، وقد أخبرني الذي أخذوا منه أنهم أخذوا منه ثلاثة آلاف درهم معاملة، وألف درهم بندقية ودينارين وزنهما ثلاثة دنانير. كذا قال لي إن كان صادقًا.

وفي صبيحة يوم السبت خامسه طلب قاضي القضاة شهاب الدين (٣) الحنفي للشيخ علي بن البناء، وقد كان يتكلم في الجامع الأموي على العوام، وهو جالس على الأرض شيئًا من الوعظيات وما أشبهها من صدره، فكأنه تعرَّض في غضون كلامه لأبي حنيفة ، فأُحضر فاستتيب من ذلك، ومنعه قاضي القضاة شرف الدين الكفري من الكلام على الناس، وسجنه، وبلغني أنه حكم بإسلامه وأطلقه من


(١) في الذيل التام: غير عشرة.
(٢) ليست في أ و ب و ط. وهي في الأصل.
(٣) في ط: شرف الدين. وقد مضى ذكره.

<<  <   >  >>