للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهر صفر، أوّلُه الثلاثاء. في يوم الخميس عاشره قُرئَ تقليدُ قضاء قضاة الحنفية باسم الشيخ عماد بن إسماعيل ابن العز (١) بالمدرسة النُّوريّة، وحضرَ تقليدَه القضاةُ والأعيانُ، ولبس الخِلعة والطَّيْلسان، وراحَ النّاس إلى تهنئته بذلك، وكان قد امتنع من قبول الولاية حين عُرضت عليه، وأبى كلَّ الإباء، ثم أُلزِم بذلك فقبل الولاية، وحكم واستناب ولده نجم الدين، ودرَّسَ بالنُّوريَّة.

وفي هذا اليوم باشر شمس الدين محمد بن عمر المعروف بابن المسكي (٢) نيابة الحِسبة عن القاضي شمس الدين بن مرِّي، استنابَهُ بإشارة قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب السُّبكي، هذا وابن مرِّي مقيمٌ بالديار المصرية لم يقدُم بعدُ.

واستهلَّت هذه السّنة والطَّاعونُ موجود بالشام، لكنه يسيرٌ جدًّا، وقد تقاصَرَ عمَّا كانَ. وأمّا الغلاء فالخبرُ رِطلٌ بدِرْهم، والقمحُ في بيدره الغَرَارة (٣) بمئة وثمانين درهم، والناسُ على وجلٍ من ذلك، والله المستعان.

وفي أواخره رجعَ الجيشُ الذين ساروا في طلب العرَبَ صُحبةَ نائب السلطنة كما تقدَّم، وقدِمَ صحبتهم الأمير توكُّل، وتأخَّر قدوم نائب السَّلطنة بسبب أعذار تخصُّه.

وفي أواخره طلب الفقيه زين الدين عمر بن مُسلم القرشي القُبَيباتي إلى مجلس القاضي عماد الدّين الحنفي (٤)، وتكلّموا معه بسبب أنَّه بلغَهُم أنَّه تكلَّم في الإمام أبي حنيفة، فزجَرَهُ القاضي عن ذلك وأهانه، ومنَعَهُ من الكلام على العامة على ما كان يتعاطاه؛ وذلك في مساجد متعدّدة من حفظه بجعائل يأخذها من العوام، لا بأوقاف مقرّرة على ذلك، ودعاوي يدَّعيها، وتكثّر بما ليس بمطابق لما يدّعيه في غالب الأمر، ثم أَذِنَ له بعض الحكّام في الشهر الدّاخل، وعاد إلى ما كان عليه.

شهرُ ربيع الأوّل، أولُه الخميس. وفي يوم الثلاثاء سادسه قدم من الدِّيار المصرية القاضي شمس الدين محمد بن مرّي محتسبًا بدمشق مباشرًا (٥) لها على عادة من تقدّمه، ونزل بدرْبِ النّقَّاشة قريبًا من مئذنة (٦) فيروز في دار بَكْتَمِر، وراحَ النّاسُ لتهنئته، فتكلّم في أمر الحِسْبة وما يتعلّق بها، وضربّ بعض السَّماسرة وأدَّبهم، وطاف بهم في البلد، ولم يلبس الخِلْعة إلى الآن؛ لأنَّ نائب السَّلطنة لم يَقْدُم من


(١) هو عماد الدين بن العزّ الصّالحي. الشهير بابن الكشك. انظر الدارس ١/ ٤٣٦.
(٢) هكذا جاء الخبر في: الأصل. ولم أهتد إليه.
(٣) الغرارة وتجمع على غرائر. قال الجوهري: مكيالٌ، معرّب (غرر) وهي من الخيش لوضع القمح.
(٤) هو زين الدين أبو حفص عمر بن مُسلم بن سعيد بن عمر بن بدر بن مسلم الكتاني.
توفّي سنة (٧٩٢ هـ). انظر الذيل التام ١/ ٣٥٩. وفيه: مات مسجونًا انظر الشذرات ٨/ ٢٥٤.
(٥) في الأصل: بياض قدر كلمة.
(٦) في الأصل: (مأذنة) وهو غلط.

<<  <   >  >>