للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ليلة الإثنين الحادي والعشرين منه هبَّ في الليل وقتَ الثَّلثِ الآخر هواءٌ عاصفٌ [متدارك] (١) وما زال كذلك إلى الصَّباح، وقيل: إنه كان معه زَلَزَلَةٌ، وقد أُلقي أشجارٌ كثيرةٌ.

وفي صبيحة هذا اليوم دفعت العين عين الفيجة ماءً عزيرًا، وامتلأت الأنهار بعد أن كانت كما تكون في زمن الصّيف، وأقل من ذلك، وذلك في شهر آذار.

وفي أواخر هذا الشّهر تكاملَ عملُ [فوانيس] (٢) وقناديل جدَّدها ناظر الجامع الأموي في شمالي الرّواقات كما في القِبْلة، وجاءتْ في غاية الحُسْن والنَّفع ..

شهر رمضان المعظم، أوله الأربعاء. في ليلة الخميس تاسعه توفّي الشيخُ شرفُ الدّين بنُ عبد الكريم (٣) نقيبُ المُتعمّمين، وإمام إيوان الشّافعية بمدرسة الظَّاهرية، وأحد المقرئين بتُربتها، كان رجلًا خيارًا من أهلِ القرآن، وكان والدُه مقرى البلد، توفِّي فجأة، وصُلِّي عليه بجامع التَّوبة، وقد قارب الثمانين .

وبعده بأيام توفّي جمال الدين عبد الله ابن القاضي زين الدين عمر العامري الشهير بابن قاضي الكَرَك (٤)، تقلبت به الأحوالُ؛ كتب الحُكْم بين يدي قاضي القضاة تقي الدين السُّبكي، وبين يدي ابنه تاج الدّين، ثمّ باشر في ديوان النِّيابة فحصل أموالًا جزيلة، وبنى دورًا هائلة، من ذلك بستانٌ هائل غربي الميدان الكبير الأخضر جوار طاحون الحِصنيَة، غُرِمَ عليه أزيد من مئة ألف درهمٍ، وبه كانت وفاتُه في هذا التّاريخ، ودُفن بمقابر الصُّوفية.

وفي العشر الأخير من هذا الشهر خُتِمَتْ البُخَاريّات في الجامع الأموي وغيره من الجوامع والمساجد.

وفيه ثارث جماعةٌ من الفقهاء على واعظٍ قدم من الدّيار المصريّة ادَّعى أنه شريفٌ (٥) تكلَّم في جامع دمشق من (٦) على الكرسي الذي بالجانب الغربي منه، فأورد أحاديثَ لا أصل لها، وأُخرى ضعيفة؛ فتلمَّح بعضُ الناس فيه تشيُّعًا، وشهدوا عليه بأشياء، فحُمِل إلى دار القاضي المالكي؛ فمنعَهُ من الكلام على النَّاس، فاجتمع العوامُ وخلقٌ كثيرٌ، وحدثت خبطةُ، وشُهد عليه بأشياء فيها دَرْكٌ عظيم، ثم سكنَت قضيَّتُه.


(١) في الأصل: بياض قدر كلمة.
(٢) في الأصل: (قوانين). وهو تحريف
(٣) لم أقع على ترجمة له.
(٤) ترجمته في: تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣٨٧.
(٥) في الأصل: (شريفًا). وهو غلط.
(٦) في الأصل: طمس قدر كلمة.

<<  <   >  >>