للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من نُقباءِ الجيش والحَجَبة والوُلاة وأرباب الدّولة، وانزعج الناس بسببه وتكدَّرت خواطرهم خصوصًا الجند والأُمراء، وشدَّد في ذلك على نُقباءِ الجيش، وصمَّم عليه، فأنكر نائب السلطنة قضيته. وحضرَ نائبُ السّلطنة (١) وقت العرض، وأَرْفَق بالنَّاس، فعرض الأمراء الأُلوف، ثم الطّبلخانات، ثم العَشَرات، ثم أَجناد الحلقة، وقطع هذا المذكور أخبار بعض النَّاس، ولولا نائبُ السَّلطنة قطعَ أخبازًا كثيرة، ولكن لم يمكّنه من ذلك.

وقد جمعوا لهذا الأمير المذكور مالًا جزيلًا من العسكر بسبب هذه القضية، فجعلوا على الأمير المقدّم ألفٍ خمسة آلاف درهمٍ، والطَبلخاناه ألفين وخمسمئة، والأمير عشرين ألّفين، والأمير عشرة ألفًا وخمسمئة، وأمّا جُنْد الحَلَقة ففرضوا ذلك غير الإقطاعات كل ألف وعشرين درهم، وذلك بزعم أنَّه تسفير، فحصَّل من ذلك شيئًا كثيرًا نحو خمسمئة ألفِ درهم أو أزيد من ذلك، ودخل إلى القلعة المنصورة، وعرض الحواصل والخزانة العالية الشريفة، وذكروا أنَّه أخذَ منها تراكيش مجوهرة، وزرديّة من عمل داود، وعدة قسيّ حلقة قديمة، وسيوف من صواعق، وغير ذلك، وهذا شيءٌ لم يُعهد في هذه الأعصار؛ فإنَّه فضح العسكر، وكان في جندِ الحلقة من لا طاقة له لما أَلْزَموه إلى وزنه من المبلغ المذكور، لكن يستدينه أو يُرهن شيئًا، ثمّ فُعَل ذلك في بلاد حلب وتلك النواحي وغيرها من البلدان؛ فحَصَل له بذلك شيء كثير من المال والمتاع والخيل والتَّقادم، فلا جزاه الله خيرًا (٢).

وفي هذا العشر تطلبّوا أصحاب الأموال من التُّجار وغيرهم بدمشقَ ليُباع عليهم بضائع لأُلجا اليوسفي من ذلك: سكّر، وزجاج، وفولاذ، وطرحوا ذلك على المذكورين وعلى الأسواق المعروفة به بأضعافِ ثمنه، وألزموا بوزن الثمن في ذلك الوقت، ورسموا على من حضر منهم، ومن لم يحضُر تطلبّوه وختموا على بيته، ومسَكُوا أقاربه وألزموهم بإحضاره، وربّما ضَرَبوا بالمقارع بعضهم، واختفى غالبُ التُّجَّار وأصحابُ الأموال، ومنهم من دارى عن نفسه بمالٍ كثيرٍ حتى أُعفي من ذلك، ونال الناس من ذلك شدّةٌ، واستمر ذلك إلى آخر شهر رمضان.

وختمتِ البخاريات في العشر الآخر منه على العادة تحت قُبَّة النسَّر، وعند محراب الصّحابة.

وفي هذا العشر أيضًا لبس الأميرٌ سيف الدين أبو (٣) بكر الطَّرائفي أحدُ الأمراء العشرات خلعةً بولاية البّر بدمشقَ عوضًا عن سيف الدين أبي (٤) بكر الهدباني بحكم وفاته.

شهر شوّال المبارك، أوله السَّبت. في نهار الخميس سادسه غُلّقتِ أسواقُ دمشق جميعُها: الخوّاصين


(١) هو: مُنْكلي بغا. انظر إنباء الغمر ١/ ٢٤ - ٢٥.
(٢) في الأصل: طمس قدر سطرٍ. فحواه دعاء ابن كثير لابن علي طَقْتَمِر على هذه المظلمة.
(٣) في خ: (أبي). وهو غلط.
(٤) في خ: (أبو) وهو غلط.

<<  <   >  >>