للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرياحين، والشِّرب، والفرش، والدهشتين، والصَّاغة، والنحاسين، والبزوريين، والزجّاجين من اللبّادين، وغير ذلك، بسبب أنَّهم يُطلبون ليَطْرَحوا عليهم ما تقدَّم ذكرُه من بضائع اليوسفي.

فلمّا كان يومُ الجمعة سابعه: اجتمعوا في الجامع الأموي وقت صلاة الجمعة واستغاثوا وتضرّعوا بالدّعاء والابتهال، وتباكى النّاسُ بسبب ذلك، وتظلّموا إلى نائب السلطنة، واستمروا كذلك نحوًا من ربع ساعة فسلّموا الدولة روعهم، ورسم نائب السّلطنة أن يُكتب محاضرُ بصورةِ ما وقع، وطلب كاتب السرّ إلى بريديه في الحال، وكاتب إلى الديار المصرية في ذلك، ونادى المشاعليَّةُ بعد الصلاة في البلد بأن بيعوا واشتروا، وطيّبوا خواطر الناس، وأنّه لا ظلم ولا طرحان، فطابت خواطر الناس وكثرُ الدعاء لنائب السلطنة بدوام أيامه فجزاه الله خيرًا.

وفي هذا العشر؛ أعني العشر الأوّل من هذا الشهر دارَ الحمَّام الذي أنشأه نائبُ السلطنة مَنْجك ظاهرَ البلد عند قناة العَوْني خارج باب الفراديس، وهو حمَّامٌ لم ير مثلُه في الآفاق، وليس له نظير في كثرة الرُّخام، وقد تقدَّم ذكره ممَّا أملاه والدي، وهذا الحمام ليس فيه من الخشب سوى أبوابه، وجميعه عقد أقباء كلس وحجر من داخله إلى خارجه (١).

وخرج المحمل السَّلطاني والحجيجُ يوم الخميس ثالث عشره، وأميرُ الركب الأمير بدر الدين بن العسكري أحد الحَجَبة، وحجَّ في هذه السنة من الأعيان قاضي القضاة كمال الدين المعرّي الشافعي، ونجم الدّين بن الجابي أحدُ المفتين والمدرّسين بدمشق، وبرهان الدين الصّنهاجي المالكي، ومن عزمهما المجاورة هناك، والأمير ناصر الدين بن شاذبك (٢).

شهر ذي القعدة، أوله الإثنين. في أوائله نادت المشاعليّة في أرجاء البلد بمرسوم نائب نائب السَّلطنة: أنَّه من عارض تجارَ السّلطنة الإفرنج من جهوات وغيرهم في فُرَجهم أو غير ذلك ضُربَ بالمقارع.

وفي عشية نهار الأحد سابعه توجَّه الأمير طَقْتَمِر الحَسَني الذي كان قدمَ بسبب عرض الجيوش كما تقدّم ذكره نحو الدّيار المصريَّة، وذلك بعد قدومه من بلاد حلب وما والاها من البلادِ والقلاع - لا كتب الله له سلامته ولا جزاه خيرًا (٣).

شهر ذي الحجة، أوله الثلاثاء. في نهار الأحد سادسه: سُمع راعدٌ عظيمٌ متدارك، وسقطت أمطارُ عظيمةٌ وغالبُها على أراضي وادي بردى: فزادت المياهُ زيادةً عظيمةً، وتغيَّر الماء بسبب ذلك، وحمل النهر حملةً هائلةً بحيث إنّه خرَّب جسورةً كثيرة وطواحين كثيرة بطلت و [هدمت جسور] (٤) كثيرة، ومن


(١) ذكره ابن قاضي شهبة في تاريخه ٣/ ٤١٢.
(٢) في الأصل: (شاربك). تحريف.
(٣) هو أخو ألجاي اليوسفي. وتقدّم خبره.
(٤) في الأصل: طمس قدر كلمتين.

<<  <   >  >>