وله رسالة في الحرب بديعة سماها العقد النفيس وقدمها لمخدومه.
وقرظها الشيخ أبو عبد الله محمد بن الخوجة بما نصه: يا حامل لواء مذهب مالك على كاهله، ومن لا يزول الصدى إلا بالكرع من عذب مناهله، الجهبذ الذي بيديه مقاليد اليراعة، الحائز قصبة السباق في ميادين البراعة مولانا سيدي محمد بن سلامة، كان الله له في الظعن والإقامة، أما بعد سلام من النسيم وأروق من محادثة الوسيم فقد زارني من بنات فكرك ما يخجل البدر ويحاكيه في جلالة القدر.
[الكامل]
أندى على الأكباد من قطر الندى ... وألذّ في الأجفان من سنةِ الكرا
غرض انفردت بمضماره، وتجردت لحماية ذماره، ومقصد تتطأطأ له الرؤوس، وترتاح إليه النفوس، ويقول ناظره لاعطر بعد عروس، فحق لمولانا الملك المجيد، أن يحل هذا العقد النفيس محل القلادة من الجيد وبالجملة فإن شأوك لا يدرك وشعبك لا يسلك بحيث إن الحبر الماهر يعجز عن أن يأتي بمثاله أو يحوك على منواله.
[الطويل]
وفي تعب من يحسد الشمس نورها ... ويزعم أن يأتي لها بضريب
فالله تعالى، يبقيك ويقيك، ونسأله أن لا يجري دمع الحزن في مئآقيك، والسلام ختام وقد أجابه صاحب الترجمة بما نصه: يا أمير المذاهب كلها، وواضع ألويتها بمحلها، إن بتقليدك تلك الولاية، استطعت حمل تلك الراية ثم خافت بهمتك الناظرة إليها سقوطاً، ولاحت بوصل من إشارتك عليها لا صعوداً ولا هبوطاً قد حركت عزماتها بشائر طلائع إمدادك فأزالت عنها الفشل، فرواها ثناؤك عللاً بعد نهل، ولعمي إنها التناعس انزوت بالنشاط وطالت، ودخلت بحومة النزال فجالت وقالت آذنني المولى الهمام شيخ الإسلام، أن أتقدم بهذا الفضا، وأقول لكل مصل خلفي صلاته قضا منذ قدمني ركن الإسلام، محمد بن الخوجة الهمام واحد الدنيا والسلام.
[الطويل]
إذا قيل من في الناس يعدل كلَّهم؟ ... فقل معلناً هوَّ الإمامُ محمدُ
فما كان عن تعطيله فمعطل ... وما كان عن تقليده فمقلد
هذا وإن السلام لولا إنه تحية الإسلام لكان عدم الرد مقتضى المقام إذ بماذا أجيبك وأقول فيك وما ملأ الكون يكفيك إن قلت أرق من النسيم فلطفه منك إليه سرى، أو قلت أروق من محادثة الوسيم، فعسل بلاغتك في ريقه جرى، إذ لم يكن لولاك وأنت أنت وما أدراك لم يكن رد تحيتك إلا حياك مولاك، لله أبوك، لافض فوك، ولقد أرسلت بنتي على أن تستمد منك بختاً، وتستعبر من قبولك ما تتخذه تختاً، فأتت بأكثر من الأمل ترفل في حلي وحلل، مع احتياجها أي احتياج، لأن العروس لا بد له من ملابس الابتهاج، فكانت إلى ما حليتها به من نيل الراجي ما شط من طلبه.
[الكامل]
أشهى إلى الراجين من نيل المنى ... وألذُّ من وصل الحبيب لعاشقِ
وأعز من رؤيا العيون محاسناً ... وأجلب من تأكيد ودّ سابق
وليت مولانا يكتفي بتحليتها عن تحليتي فلم يفضحني في عجزي عن ثواب هديتي.
[البسيط]
ما كلف الله نفساً غير طاقتها ... ولا تجود إلا بما تجد
وما غرني ما ذكرته من شأني ورفعت به مكاني، فكلنا في الأمر معذور، أنا على نفسي بصيرة وأنت بذاتك عند التحقيق مسستور، نظرت في ذاتك، فانطبعت فيه محاسن صفاتك، وأنا في هذا المعنى أقول (شعر) : [الطويل]
وأحمق خلق الله من غره أمرٌ ... رأى منه ما قد كان فيه انطباعه
فكل فتى مرآته عين ذاته ... فما غرني مما ذكرت سماعه
أعزك الله وأجلك، وشيد قدرك وأعلى محلك، وأجاب فيك ما يعود على كل مسلم نفعاً، اللهم لا تثلم الدين بفقدانه، ولا تزلزله فإنه أعظم أركانه، وأقر عينه في بنيه، وأريه فيهم ما رآه أبوه فيه، والسلام، ختام.
وقد طلب المشير الأول أحمد باشا باي معاوضة أرض وقف القنديل خارج باب سعدون في ربيع الأول سنة ١٢٦١ إحدى وستين فامتنع القاضي أبو عبد الله محمد البنا من ذلك حيث رأى فساد المعاوضة المذكورة فحرر صاحب الترجمة رسالة في صحة المعاوضة المذكورة نحا فيها عدة أنحاء استشهد فيها بعمل متأخري فحول المالكية والحنفية مثل القاضي إسماعيل والمولى الجد القاضي السنوسي وساق فيها من نظمه لقط الدرر، ما زان به تلك الطرر، وجرى عمل المشير على مقتضاها.
وقد قرظها شيخ الإسلام أبو عبد الله محمد بيرم الرابع بقوله: [الطويل]