للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضبط سياسة الدولة مع سائر الدول الأورباوبة التي لها رعايا بتونس بمعاهدات يجري التعامل بمقتضاها فكان الاتفاق المنعقد مع دولة إنكلترا مؤلفاً من سبعة عشر شرطاً بتاريخ يوم السبت السادس والعشرين من ربيع الثاني سنة ثمانين، ثم حرره باثنين وأربعين شرطاً بتاريخ يوم الاثنين السادس عشر من جمادى الثانية سنة اثنتين وتسعين. والاتفاق الواقع مع دولة إيطاليا يتألف من ستة وعشرين شرطاً. وأكد الاتفاق الذي كان عقده أخوه مع دولة النمسا المتركب من عشرين شرطاً المؤرخ بغرة جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين، وبذلك أتم سياج السياسة الخارجية.

وضبط الفلاحة في داخلية المملكة بقانون يحتوي على ثلاثة وسبعين فصلاً في ضبط أحكامها ومصالحها بتاريخ الخامس والعشرين من صفر سنة إحدى وتسعين.

وضبط خدمة العمال والمتعينين للأعراب وغيرهم بقوانين تجري عليها إدارة خدمة العمال ومقدار ما يأخذه المتعينون من المجرمين ب التشديد على من يتجاسر على أخذ شيء زائد فكان قانون خدمة العمال مؤلفاً من عشرة فصول وقانون خدمة المتعينين من تسعة عشر فصلاً وكلاهما بتاريخ أوائل ربيع الثاني سنة ثلاث وتسعين.

وأسقط قانون زيتون الوطن القبلي وصيره عُشْراً شرعياً على الزيت لما رأى من ضعف الزيتون المذكور عن أداء القانون في الرابع والعشرين من شوال سنة تسعين وبذلك تضاعف أمن المملكة واستكمل فخرها حتى أمنت فيها السبل واطمأن أهاليها عموماً فكان هو المجدد للدولة وله فخر تجديدها.

ولم يكفه هذا التجديد، الجاري على مناهج الرأي السديد، بل ترقى في حفظ أمن البلاد وتحسين إدارة الدولة فأقام مجلساً شورياً تحت رئاسة الوزير الأكبر للنظر في مهمات نوازل الدولة الداخلية والخارجية. فكان أول اجتماعه صبيحة يوم الاثنين الثامن عشر من رجب الأصب سنة ست وتسعين بسراية حلق الوادي، ورئيسه الوزير الأكبر الحالي وأعضاؤه وزير الورى مَحمد خزندار الوزير السابق، ووزير الشورى الشيخ محمد العزيز بوعتور باش كاتب، ووزير الشورى حسين المكلف بالمعارف العمومية والنافعة، ووزير البحر أحمد زروق، ووزير الحرب سليم، ومستشار الوزارة الخارجية الشيخ محمد البكوش، ومستشار القسم الثاني محمد المرابط، وكاهية باش كاتب الشيخ محمود بوخريص، والمدرس الشيخ مصطفى رضوان رئيس كتاب الكومسيون. ثم ضمّ إليهم رئيس المجلس البلدي الشريف محمد الربي زروق، ورئيس جمعية الأوقاف المدرس الشيخ محمد بيرم، وعند سفر، وليها عوضه رئيس كتاب القسم الثاني الشيخ يوسف بن أحمد جعيط، فكان لجميعهم تعاون على مصالح البلاد+ وذلك من أعظم مآثر هذا الأمير الفائز بالسبق على سائر الأمجاد.

أما اعتناؤه بالعلوم وأربابها لقذف الروح في جسد المملكة فحديثه في هذا الباب طويل الذيل ونقتصر منه على الأمهات، فنقول: إنه بإثر استوائه على كرسي المملكة أمر بإرجاع جميع أرباب خطة العدالة إلى خطتهم التي كانوا عزلوا منها، وكذلك أرجع سائر المؤذنين بعد أن كانوا عزلوا أيضاً اقتصاداً في العدول والمؤذنين فنال بذلك من الدعاء الصالح ما لا حد له.

ثم لما رئب المجالس وكان من مقتضياتها أن الحجج لا تمضي لديها بدون ختم شرعي أذن جميع أرباب الخطط الشرعية من القضاة والمفتين بوضع أختام بعد أن كان الختم خاصاً بالقاضيين لا غير.

ثم لما انقضت السنون التي أتت على المملكة وأهلها بما تناقصت به جميع المداخيل ولم يبق لبيت المال دخل يقوم برواتب المدرسين بجامع الزيتونة وحدث بعض فتور في العلم أمر بجمع المدرسين وأهل المجلس الشرعي بجامع الزيتونة، واستنهض همتهم العلمية وعين لأهل الرتبة الأولى ثلاثة ريالات يومياً تخرج مرا الدولة زيادة على ما لهم في بيت المال. وجعل لأهل الرتبة الثانية ريالاً يومياً زيادة على ما لهم من وقف المدرسين. وأبرز بذلك منشوراً قرىء بجامع الزيتونة بمحضر جميع العلماء في كرة رجب الأصب سنة سبع وثمانين ومائتين وألف. وعين أربعة من رجالي الدولة لتفقد أحوال الجامع وتقريرها لدى الدولة، وهم: الشيخ محمد العزيز بوعتور باش كاتب، وحسين مستشار القسم الثاني من الوزارة الكبرى، والشيخ أحمد بن أبي الضياف، والشيخ محمد البكوش.

<<  <   >  >>