للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وزاد اعتناؤه بحفظ الصحة فعين قشلة البشامقية وجعلها مستشفى نقل إليه مرضى المارستان وأقام به أطباء ومرافق وتحسينات مع الاعتناء بالنظافة وأفرز فيه قسماً للنساء خاصة وأقام به حفظة وقيمين وأحضر له آلات جراحية غريبة حتى كان في غاية التنظيم في تفان الوضع الجاري على أحد وأربعين فصلاً من قانونه المؤرخ بيوم الأحد السادس والعشرين من المحرم سنة ست وتسعين. وحضر بنفسه يوم فتحه صبيحة يوم الاثنين الثامن عشر من صفر السنة المذكورة في موكب حضره جميع رجال الدولة، وباشر سائر الغرباء المرضى هنالك فرداً فرداً فخلّد بذلك ذكراً جميلاً وجرت إقامة جميع لوازم المستشفى بدخل وقف المارستان على أكمل نظام، وأتقن إحكام.

وأما اعتناؤه بالأشياء التحسينية التي خلّدها في المملكة فمن أعظمها فتح دار المطبعة ونشر صحيفة الرائد لتعليم أهل المملكة أحوال الدول وما يتعلق بالسياسات الداخلية والخارجية تمديناً لهم. وكان ابتداء نشره أواخر عام سبعة وسبعين.

وواصل بين المملكة التونسية وسائر ممالك الدنيا بسلك البرق الذي يبلغ به الخبر في طرفة عين ومد سكة الحديد بين تونس وحلق الوادي وباردو، وأوصلها بعد ذلك من تونس إلى أطراف الحدود الغربية وأصدر الأمر العلي بذلك في اليوم الثاني عشر من ربيع الثاني سنة ثلاث وتسعين على اتفاق تألف من ثمانية وعشرين شرطاً تصل به السكة المذكورة مق حاضرة تونس إلى جندوبة خاصة على أن يجري عمل السكة على نحو ما تحرر في التسعة والأربعين فصلاً التي عينتها الدولة، وجرى ذلك على الوجه أية تم مع شوكة تسمى الباتينيون ثم منح لشركة عنابة وقالمه مد السكة من محطتها بدخلة جندوبة إلى طريق الجزائر على ستة شروط تحررت بتاريخ الثالث والعشرين من المحرم الحرام سنة خمس وتسعين. وقد ابتدأ سير الأقطار صبيحة يوم الاثنين الثالث والعشرين من ربيع الثاني سنة ست وركب في ذلك القطار الأمير وسائر رجال الدولة وتلقته أعراب تلك الجهات بالملاعب والسرور وعاد مسروراً بسرورهم.

وقد أجرى نور الغاز الهوائي في الأنابيب لإيقاد البلاد وتنويرها بهذا النور الساطع وكان ابتداء جريانه أواسط ربيع الثاني سنة إحدى وتسعين بعد أن عمم سائر حومات البلاد بساقيات ماء زغوان وأجراه في سائر منازلها ومنازهها.

وأقام الخزنة الضخمة البناء التي عند باب سيدي عبد الله الشريف مجتمعاً للماء الوارد من المنبع المذكور. وأقام فوقها الفوارة الضخمة الدائمة الانهمال، وعمّ سقيها بساتين منوبة ومنازه حلق الوادي وبساتينه. وكان وصول الماء المذكور إلى الحاضرة سنة ثمان وسبعين ومائتين وألف.

وقد وسع كثيراً من المناهج بواسطة مراسم المجلس البلدي، ومن أعظمها طريق البحيرة المقسم والنهجان الموصلان إلى محطتي سكة الحديد وذلك بعد هدم سائر الأبنية القديمة التي كانت أمام باب البحر. وهدم فندق الغلة القديم، وسوى هنالك مركزاً لكراريس الكراء سنة اثنتين وتسعين. وأقام الجنينة التي أمام باب البحر والجنينة التي جعلها في القصبة مع تسوية بطحائها وسائر منافذ طرقها المتسعة وتمهيد الطريق الواصلة من باب البنات إلى باب سويقة بعد أن كان مهدها من باب السويقة إلى باب الجزيرة خطأ واحداً في غاية الاتساع والاستواء بالضرس، وهدم ما تداعى من السور المحيط بالمدينة حيث لم يكن به نفع مع وجود السور الخارجي وبقي خرابه كلأ على البلاد فأزاله ووسع بمحله الطرق وسواها بحيث أزال باب قرطاجنة وباب السويقة وباب البنات وما بينهما من السرور، وأزال باب سيدي علي الزواوي وباب الجزيرة حيث أن جميعها في وسط البلاد وعلى البلاد السور الخارجي الضخم الأبواب، وأعاد بناء باب الخضراء وحسن مسالكه سنة اثنتين وتسعين. وقد عين جرايات كافية للالتزام بإصلاح ذلك على الوجه الحسن وبموجب القيام بمصاريف تلك الطرقات وظف أداء على الكراريس والكراريط بحيث أن كروسة المالك تودي خمسة ريالات وكروسة الكراء تؤدي أربعة ريالات والكرطون.

يؤدي ريالين جميع ذلك مشاهرة يستوي فيها الأهالي والأجانب وأصدر بذلك قانوناً مؤلفاً من أحد عشر فصلاً مؤرخاً بالثاني عشر من ربيع الأول سنة ست وتسعين.

<<  <   >  >>