للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان في مرضه استخلف عمدة المذهب الشيخ محمد بن عبد السلام الهواري فبلغ ذلك إلى قاضي الجماعة ابن عبد الرفيع فمنعه. وقال: إن أهل تونس لا يولون جامعهم إلا لمن هو من بلدهم.

٤ واستخلف المدرس (الشيخ محمد بن محمد بن عبد الستار التميمي) شيخ مدرسة المعرض. واستقل بالخطبة عند وفاة أبي موسى الحميري. وكان ورعا يتعاطى الفلاحة بنفسه. يخطب يوم الجمعة بثياب صلاته وإذا كان من الغد لبس جبة خشنة وجعل على ظهر حماره الرَّشا وساقه بيده إلى جنانه الذي كان يخدمه بيده ويتمعش منه. أما الفُتيا بعد صلاة الجمعة فوليها الشيخ محمد بن محمد بن هرون الكناني وكان الخليفة إمام الخمس على عهد ابن عبد الستار الحافظ الشيخ أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي القاسم بن علي بن عبد البر التنيوخي خطيب جامع القصبة. وكان عدلاً ذات سمت حسن له عناية بالتاريخ والرواية. اختصر ذيل السمعاني، واقتضب تاريخ الغرناطي، وألف تاريخاً على طريقة الطبري في ستة أسفار، وكان يجلس لرواية مقامات الحريري بدُويْرة جامع الزيتونة، واحتج ابن عرفة في مختصره الفقهي بصنيعه في ذلك مع ما في المقامات من المثالب. وتوفي في التاسع والعشرين من جمادى الثانية سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.

وولي بعده خليفة بالجامع الشيخ إبراهيم البسيلي. ولم يزل الشيخ ابن عبد الستار خطيب الجامع وإمامه الأكبر إلى أن توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة.

٥ ووليها القاضي الشيخ عمر بن عبد الرفيع قال الأبي في شرح مسلم: كان خطيباً بجامع الزيتونة الأعظم. ولا يقرأ في الخطبة آية (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً) لعذر يمنعه من طول الوقوف إلى أن أمره حاجب السلطان الشيخ ابن تافراجين بقراءتها أو ترك الخطة فالتزمها.

٦ ولما توفي الخليفة الشيخ إبراهيم البسيلي سنة ست وخمسين وسبعمائة تقدم عوضه لإمامة الخمس حافظ المذهب صاحب المختصر الفقهي (الشيخ محمد بن محمد بن عرفة الورغمي) ثم ولي خطيباً سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، وكان يومئذ المفتي بعد صلاة الجمعة هو الشيخ أحمد الغبريني إلى أن توفي سنة سبعين وسبعمائة، ودفن بجبل المنار، فوليها عوضه الإمام ابن عرفة. ولما خرج لحج بيت الله الحرام سنة اثنتين وتسعين استخلف للخمس والفتيا بجامع الزيتونة تلميذه، أبا مهدي عيسى الغبريني وللخطبة به الشيخ محمد البطرني ولما عاد باشر خططه بنفسه لحى عادته.

وكان إماماً في العلوم، وصنف في كثير منها، واشتغل في آخر عمره بالفقه. وكان معتنياً بالمدونة ملازماً للنظر فيها محتجاً بها، صواماً قواماً كثير التلاوة لكتاب الله عز وجل، مجداً في دنياه موسعاً عليه فيها مالأ وجاهاً ونفوذ كلمة، عاش سبعاً وثمانين سنة وتوفي في الرابع والعشرين من جمادى الثانية سنة ثلاث وثمانمائة. ودفن تحت جبانة ولي الله المنتصر بالزلاج وقد جمع الشيخ محمد الورغي تواريخ ولادة الإمام ابن عرفة وإمامته وابتداء تأليفه المختصر الفقهي وانتهائه وحجته ووفاته في بيتين وهما قوله: [الطويل]

ولادته: أرّخ سروري وأمهُ: ... نثور، وبدء الكتب: فتحكُمُ يدري

[٧١٦] [٧٥٦] [٧٧٢]

وإكماله: درع التمام، وموته: ... خراب، وكان الحج: فاض من السر

[٧٨٦] [٨٠٣] [٧٩٧] ٧

<<  <   >  >>