هذا وإن سيدي وأخي تتالى في مدحك المكتوب بما لا تصدقه في كل القلوب، حتى أدعي أني وصلت إلى حد، لم يبلغه أحد، وذلك الإفراط، أداه إليه الود المحكم الرباط، تجاوز الله لسيدي فيما قال، وفي اعتقاده فينا غاية لكمال، وفي قولك جلساؤنا مع علماء البلد نكت لا يخفى على كل أحد، وأما التماسك الدعاء إليكم من الشيخ الكبير وطلبك والسعي مني ودعاؤك لي بالجزاء على ذلك ففيه ما ترضاه لأخيك أيها الأستاذ النحرير والسلام.
وكاتبني جناب الودود الكاتب الأبرع الشيخ سيدي عمر بن أبي الضياف بما نصه: المقام الذي تقتبس الفضائل من أنواره، وتغترف الفوائد من تياره، مقام الفذ الذي بذ الأقران، والفرد الذي لم يسمح له الدهر بثان، واحد العصر، وضياء هذا المصر، ومن جلت مفاخره عن أن تحاط بحصر قطب رحى الآداب الآتي من بدائع أساليبه بالعجب العجاب، وجناب إنسان عين النبلاء وبحر المفاخر الذي لا تكدره الدلاء محل ودادي، ومن له المكانة الخالصة من فؤادي، الشيخ سيدي محمد السنوسي حرس الله ذكره، وأعلى على الأقدار قدره.
ما بعد إهداء سلام ألطف من الشمول وأحلى من الرضاب المعسول، وأصفى من الزلال وأضفى من سابغ الظلال يخص ذاتكم الكريمة، ومودتكم القديمة، هذا وإن الحقير ينهي إن وصف أشواقه بإطناب فقد أوجز، وإن نعت تلهفه على اللقاء واحتراقه بديع البيان وأعوز، وأني يبلغ اللسن من ذلك مغزاه، وهو لا يقف على حقيقة فحواه، غير أنه يكل ذلك إلى ما تشهد له القلوب لما يعلمه علام الغيوب:[الرمل]
لست عن ود صديقي سائلاً ... غير قلبي فهو يدري ودّه
فكما أعلم ما عندي هـ ... فكذا يعلم مالي عنده
وإلي هذا يا أخي لما فارقنا شخصك وزايلنا أنسك صرنا كدست غاب صدره، أو ليل تغيب بدره، والله المسؤول وهو المرجو المأمول أن يبلغ من اللقا السول، كتبه حليف ودكم على الدوام المهدي التحية والسلام.
وكاتبت جنابه مجيباً عن ذلك بما نصه: حرس الله بعين عنايته جناب النحرير الأبرع، والأكتب اليلمع خلاصة الأعيان، وغرة جبهة الأزمان، اللوذعي الأريب، والفهامة الأديب، المنشيء الفصيح، المعرب عما انطوى عليه من إخلاص المودة بالكناية والتصريح، أوحد الزمن لطافة وكياسة، وأعجوبة الدهر محاسن الأخلاق وسياسة، وعضد مودتي، وجناح عدتي أخينا الشيخ سيدي عمر بن أبي الشياق، حفه الله بخفي الألطاف، وأدام أجنة إنشاءاته دانية الاقتطاف.
أما بعد إهداء السلام يحكي محاسن أخلاقك، وعذوبة مفاكهة أذواقك وأني للشمول ما عندك من الشمائل، وقد قضينا بتفضيل جنة أخلاقك على أجنة الخمائل، فقد شرفني وشنفني كتابك الذي برقت أسره سطوره، بجواهر منثوة وتنفست عوابق، صداقتك الفائحة، من أجمته التي بدور إيناسها صارت في آفاق مجلسنا لائحة، ولعمر الله إنك لقد قلدتني ما لم يتأهل لها طوقي، غير أني ولك المنة قد وجدت بها إطفاء بعض شوقي وحيت وكلت إلى قلبك السؤال عن مودة الصديق، فحبذا ما يشهد به ذي الود العريق، سلوا عن مودات لرجال قلوبكم، فتلك شهود لم تكن تقبل الرشا وفي بسط هذا البساط، ما لا يدخ تحت دائرة الاحتياط، إلا أنا نتوجه إلى المطلع على الضمائر، العالم بخفيات السرائر، ونرغب الله أن يجمع بعدنا وأن لا يكدر أحداً من أحبتنا بعدنأن والسلام.
وكاتبني الأخ اليلمعي، الفاضل الزكي، سيدي محمد القصار بما نصه: