قام للدين ثمك أضحى يجوب ال ... أرض في جوبه خليع العنان
كم روى عنه سادة فاستناروا ... من أحاديثه الصحاح الحسان
واجتناها غنائماً ليست تحصى ... من جميع البلاد قاص ودان
يقتدي ف الحروب دفاع إن ما ... ت بحزم فكان ثبت الجنان
ما تولى الزحاف في يوم حرب ... لا ولا كان للعزائم ثانِ
ولذا وفر الإله له الغن ... م وأولاه مسعدات الجنان
فاقتنى الحسنين فضلاً من الل ... هـ فماذا لواصف باللسان
شاهد المصطفى وتلك المغازي ... واغتدى بعده شهيد الطعان
لن ترى في مقامه غير سر ... باهر من جلاله المستبان
يملأ العين والفؤاد اجتلاء ... لا يفي وصفه وضوح البيان
من يوافيه مستجيراً يرى ما ... يرتجي من مناه لا عن توان
هكذا هكذا به قد رأينا ... إذا دخلناه راجين الأماني
آملين السداد ولنجح فيما ... قد قصدنا على مرور الزمان
نرتجي من رضاه فوزاً بما أن ... نالنا لم نرع من الحدثان
علّه أن يمدنا بالأماني ... ل وللوالدين والإخوان
والألى بالعلوم قد أرضعونا ... خير ذي به أعز اللبان
يشمل الكلَّ جاهه عند ربي ... كي نرى منه في نعيم الأمان
وقرظ هاته القصيدة شاعر القيروان السيد محمد عيسى الكناني بقوله: [الخفيف]
أيها الفاضل الزكي المعلّى ... من له في القريض خير المباني
وأيادٍ عجيبة ما لمثلي ... أن يرى آتيا بها أو يداني
أطربتنا حسناء جاءت بودٍّ ... وخلوص بذي المعاني الحسان
بنت فكر قد ازدهت في حلي ... ما حواها البديع في همذان
فلك الله يا خليل ممدّا ... بمراجيك من بلوغ الأماني
حيث تم في صحب خير البرايا ... ورجال الهدى بكل مكان
مثل باب الرفيع ثم الجناح الأخ ... ضر المحتوم على الأعيان
ولك النفع بزيارة سحنو ... ن المسجى بباب نفع المداني
وعطاء من الجناب المعلّى ... من تسامي ببيعة الرضوان
طالع السعد قد حباك بما قد ... نلته سيدي فكن في أمان
يا سليل الأفاضل الحائزين ال ... مجد بالسبق من قديم الزمان
جدك الخير السنوسي إمام ... بعلوم زكا على الأقران
فأتيتم من بعده في انتساق ... يقتدي بعلاكم النيران
فجزاك الإله خير جزاء ... ووقيت العدى وشر الهوان
ثم لا زلت لابساً ثوب عز ... وافتخار سما به الملوان
ثم إني أول: إنني بمجر وصولي إلى تلك المدينة، طلبت الاجتماع بقية صالح سلفها من ذوي المفاخر الثمينة، فاجتمعت بكبير أهل الشورى بها عماد بيته الأثيل، العالم الجليل والقدوة الذي ليس له مثيل، الدراكة الهمام، النحرير الشيخ سيدي محمد صدام، أدام الله بركته للأنام، ووجدته يومئذٍ قد أخذ منه الكبر، وله صداع يؤلمه في غالب السمر، أما ضخامة شأنه، وجلالة مكانه، فقد رأيت من ذلك مفاخر جليلة ومحاسن جميلة، مع ثبات وأناة، وخبرة بالسياسات، وكانت قراءته بالحاضرة على جلة شيوخها في ذلك العصر كشيخي الإسلام البيرمي والرياحي، وقد حصل منه بفضل الله على إجازة مطلقة أجد ببركتها سدادي وصلاحي، بعد أن فزت بمجالسته في مجالس عديدة، وأدركت خلفه صلاة الجمعة في تلك المدة المديدة، واجتمعت بتلميذه قاضيها العمدة العفيف، صاحب الفضل المنيف، الفقيه الورع الشيخ أبو الفلاح سيدي صالح الجودي رعاه اله تعالى وهو رجل غيور على الحقوق، قاك بالعدل واللسان الصدوق، يحي الليل في الدروس والنوازل، وهو الكفيل بعمران تلك المنازل، وحضرت بدروسه في الفقه والحديث، وأخذت عنه سنداً في صحيح البخاري لم نجد مثله في القديم والحديث، بحيث أه بينه وبين الإمام البخاري اثنا عشر رجلاً من رجال السند، وكتب في ذلك إجازة رائقة أعذب من الثلج والبرد، وقد رأيت أن أنظم سندها تيمناً برجاله، فقلت مصلياً على الرسول المصطفى وآله: [الرجز]
حمداً لمن أجاز من قصده ... وأبلغ الراجي بذاك قصده
وصل يا رب على من اتصل ... سنده إليك من تلك الرسل
خصوصاً المختار عز الدين ... حامله عن روحك الأمين
والآل والأصحاب والأتباع ... وتابع الكل بلا انقطاع