للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم وليها (الشيخ أبو الفضل بن أبي القاسم البرشكي) حفيد قاضي الجماعة إلى أن توفي سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة.

٢٢ ثم وليها (الشيخ محمد بن سلامة) الفقيه المفسر الواعظ إلى أن توفي في جمادى الثانية سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة.

٢٣ ثم وليها (الشيخ محمد الأندلسي) الأستاذ النحوي تلميذ العيسي ولازمها إلى أن توفي سنة سبع عشرة وألف.

٢٤ وولي (الشيخ أبو يحيى بن قاسم الرصاع الأنصاري) خطيباً وإماماً بجامع الزيتونة بعد أن استقال من الفتيا ولازم القيام بإمامة الجامع أكثر من سبع عشرة سنة. ولما مرض قيل له: هل يصلح ابنك للإمامة؟ وكان صغير السن بين يديه قال: لا، فقيل له: هل يصلح الشيخ محمد براو؟. وكان إماماً في العربية فقال: يصلح لها إلا أن أهل المدينة يأنفون منه لكونه ليس منهم، فقيل له: والشيخ محمد الغماد؟ فقال: جوهرة عليها الران. فقيل له: والشيخ محمد تاج العارفين؟ فقال: جوهرة ما مستها يدان. وتوفي الإمام الرصاع يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وثلاثين وألف.

٢٥ وتقدم عوضه (الشيني محمد تاج العارفين البكري) ، واستمرت الإمامة في بيته بين بنيه مائة وثلاثاً وتسعين سنة. وفي أثنائهم كان مبدأ الدولة الحسينية خلد الله عزها، ولذلك نذكر هنا الآيمة من عهد المقدس حسين بن علي تركي إلى الآن على شرطنا السابق فنقول وبالته نستعين: الشيخ علي البكري هو الشيخ أبو الحسن علي بن أبي بكر بن محمد تاج العارفين بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر الأموي رابع من تقدم لخطة الإمامة الكئرى بجامع الزيتونة من السادة البكريين رضي الله عنهم أجمعين وحسبه بذلك فخراً. ورث الفضائل كابراً عن كابر، ملئت بمفاخرهم الصحف والدفاتر. من ذرية الخليفة الثالث جامع القرآن، عثمان بن عفان- رضي الله عنه- فهم عفانيون وجدهم الذي ينتسبون إليه هو (الشيخ أبو بكر) دفين المنيهلة من غابة تونس وثروتهم أشهر من أن تذكر لسعة أوقاف بيتهم. قيل: إن هناشير أوقافهم خاصة بلغت مائة هنشير وهنشيراً عدا العقارات، كلها هم المختصون بعشر زكاتها ليس للدولة معهم شيء منه.

وكان والد الشيخ تاج العارفين من أهل الله الكرماء ونشأ ولده (الشيخ محمد تاج العارفين البكري العفاني) إماماً في العلم والصلاح، وتقدم لإمامة جامع الزيتونة في الثالث والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وثلاثين وألف بإشارة أستاذه الإمام من قبله الشيخ أبي يحيى الرصاع، وقام بالإمامة والخطبة وزان المحراب والمنبر بعلمه وعمله. قيل: إنه لم يخطب على منبر جامع الزيتونة من إنشاء غيره ولم يكرر خطبة قط، مع ما فيه من المعرفة بالته جل جلاله وفصاحة اللسان وثبات الجنان، ومع ذلك له من الحزم والدراية ما ليس لغيره، ولذلك لما وقعت المشاغبة بين تونس والجزائر واشتد القتال بين العسكرين في واقعة عام الشطار في شهر رمضان سنة سبع وثلاثين وألف خرج الشيخ محمد تاج العارفين ومعه ولي الله الشيخ إبراهيم الجديدي والشيخ عبد النبي خطيب جامع القصر ومن معهم لعقد الصلح بين الفريقين وتعيين الحدود، فكاد الحد الذي تعين بين المملكتين هو وادي سراط بحيث أن غربيه للجزائر وشرقيه لتونس. وكتب رسم التحديد لشهادة المفتي المالكي الشيخ قاسم البرشكي والشيخ محمد بن أبي الربيع الحنفي ورمضان أفندي خطيب الجامع اليوسفي وعلي آغة كرسي الجزائر ورجع الشيخ محمد تاج العارفين بإتمام الصلح وقرار الراحة.

وهو زينة جامع الزيتونة يومئذ يقرىء صحيح البخاري دراية ودروساً في علوم الدين وله في النثر يد، ورأيت هن إنشاءاته مراسلة أرسلها من قصر جابر مكاتباً بها صديقه الشيخ عبد الكريم الفكون وهذا نصها:

<<  <   >  >>