للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيحسم لي أم بالوفاء يليق، ساوي كلامك لذاك طريق هذا وإليك تحيات تناسب أريحية تلك الشمائل، وأطيب من زهرات الخمائل، من محب جمع الأشواق، لذيذ التلاق، ولا أطيل في بنان التشوق، فتخاله من التملق والتأنق، ونغدل عن عادة المترددين في الإطالة، إلى لدعاء بجمع الشمل على أحسم حاله، حتى تجلو العين بإثمد لقياكم قذاهأن وترتع النفس في رياض مناهأن هذا وإني كاتبت جنابكم جواباً عن مكتوبكم الكريم، المتلقى بغاية المسرة والتعظيم، الوارد علي منذ أسابيع وكان جوابي تلوه بقليل أيام كما تطلع على تاريخه إذا اتصل بكم، وهو الآن بالقيروان وإن أرسلته مع الطريق الذي جاء بكتابك وقد بسطنا فيه القول، وخلطنا الجد بالهزل، وأطلنا فيه مجاد الكلام، كما هو المطلوب في مخاطبة الإخوان الكرام ومن جملة فصوله وقد وصلت الخميس للمرأة التي حركت بحسن مدحك فراشها ساكن أشواقها وأقمت قيامة خلق باقهأن هذا وقد اطلعنا على القصيدة الفريدة، المزرية بشعر أبي عبيدة، الضابرة في الإبداع بسهم مصيب، الحائزة من البلاغة المعلى والرقيب. وتلاها غلينا الأخ السيد محمد جعيط هي وتقريظها والمكتوب البديع كما تتلى المناشير فكل أثنى عليها غاية الثناء من غير نكير، والسلام من أخيكم محمد بن الوجة.

وقد أجبنه عن ذلك بما نصه: [الكامل]

إيه أعد ذكرى أولي الأحلامِ ... وأدرْ بمدحهمُ كؤوس مدامِ

واستحمل النسمات في تضخيمها ... من عابق التبجيل طيب سلام

كي تكنسي لطفاً إذا ما أهديت ... لمحمد ابن مشايخ الإسلام

حياك الله أيها المجلي في حلبة البراعة، النحرير الذي لم ينزع الألباء فيما تحكوه انتزاعه، الجهبذ الذي لم يطلع الفضل من غير أفقه، وقطرت اللطافة على يخرج من نطقه، العالم الوحيد، صاحب الرأي السديد، اليلمعي الفهامة، الذي لم يخك أحد نثره ولا نظامه، مالك أزمة الفصاحة والبلاغة، وإمام أيمة أهل النباغة، المتطلع على حداثة سنه في سائر الفنون، المستخرج بشص ذكائه فرائد جوهرها المكنون، أخي وصديقي، وهداية طريقي، عضدي الذي بإيناسه استنصر على جيوش الأشواق، وأجد بمخاطبته لذة التلاق، على طول الفراق، المر المذاق، سندي عمادي، وخلاصة أهل ودادي، الفاضل الزكي المدرس أخونا الشيخ سيدي محمد بن الخوجة، أدام الله صدور أهل وده بخالص موتده مثلوجه، وسيول آدابه في سائر الأقطار ثجوجة، ما دامت الليالي والأيام، وتناسقت جواهر البديع بغاية الانتظام.

أما بعد فقد شرفني كتابك، وراقني وأذاقني معسول البلاغة خطابك، فلله تلك السبع أبيات التي أنستني بها السبع المعلقات الشهيرة، إذ هفا ريحها على ذوي الفكرة بألطف من الشمائل العطيرة، فحركت مني ما سكن، وتداركت ما أصاب البدن، تناغث أجنتها علي بهاتيك البلايل، وكسرت جفن أعينها فلاقيت ما تفعله الدعج الذوابل: [الوافر]

لما وعيونها الدعج اللواتي ... أقامت للهدى العذري عذرا

لقد غطت على بصري وسمعي ... بملثوم حوى حبباً ودراً

فهبت علي من إيناسكم بذلك النسيم، وأذكرتني بقسمها العظيم، ما كنا نلاقي من طيب النعيم، وحين يجمع الله بيننا على الحالة المرضية لا محالة بهاتيك الألية، التي لا تخفى على مثلك من ذوي النفوس الألمعية، وأما كتابك لأول فما فزت منه بالوصال، على ما اشتمل عليه من نفائس المقال، ولقد كنا نترقبه رقبة الأعياد، حتى أيسنا أن نحظى منه بذل الإيراد، والآن رأيت من إيماض برقه ما تضاعف في شوقي إليه، ووددت التطوف حواليه، كي نرتاح بجده وهزله، ونفوز بنفائس غزله، ونرى ما وصفته به قصة المرأة عند تحريكها على أن جنابك لاقى منها ما ألصقته غرة بسرجهأن وإن بلغني فإني سأجول مع أخوتك في ذلك الميدان وأركض في مخلوع العنان، والله يديم عزكم وحفظكم والسلام، وكتب غرة ربيع الأنوار سنة ١٢٩٢ اثنتين وتسعين ومائتين وألف.

وقد ظهرت بمكتوبه المشار إليه في أثناء هذا المكتوب بعد الإياب وهذا نصه: أخي الفذ الوحيد في الكمالات التي شأوها بعيد عن أعين إخواني، متعلق خاطري وملهج لساني، الواحد الذي بذ الجموع، في معقول ومسموع، الندس المتوقد ذكاؤه، الثابت في أفق المعالي سناؤه، الأخ الذي ألهج بثنائه وابتهج بإخائه الشيخ سيدي محمد السنوسي حرس الله ساحته.

<<  <   >  >>