فأنت لأوج أفق الدهر بدر ... منير لا يفارقه التمام
وأنت لعز هذا الدين تاج ... وأنتَ لنصره أبداً حسام
وأنت لكل معضلةٍ ترجَّى ... وأنت لكل مشكلة غمام
جمعت من المحاسن كلَّ وصف ... وكل الناس عن هذا نيام
وآيات الفصاحة عنك تروى ... وفي كفَّ لكم منها زمام
فلو قسٌّ وسبحانٌ جميعاً ... كذا أيضاً أو الفتح الإمام
صغوا يوماً لمنطقكم لقالوا: ... يفوق الدرَّ حقاً ذا الكلام
أبا إسحاق أنت فريدُ دهر ... وأنت لقطرك العلمُ الهمام
هنيئاً يا إمام العصر يا من ... له فوق السما الأعلى مقام
بختم قد شرحتَ به علوماً ... وسرَّتْ من ضخامته الأنام
ختام قد جلا عنا ظلاماً ... وما أدراك ما هذا الختام
وهاك خريدةَ الأفكار جاءت ... يصاحبها سرورٌ وابتسام
تؤملَ حسن صفحٍ منك عما ... يقصر في مديحكمُ النظام
ويطلب ربُّها منكم دعاء ... يقيه من الحوادث إذ الحمام
ولا زالت لك العلياء داراً ... اردّد مدحكم فيها الحمام
وهنأه بالختم المذكور ابنه الشيخ محمد الطيب الرياحي، بقوله: [الوافر]
فؤاد لا يفيق من الغرامِ ... وجسم لا يبين من السقامِ
وشوق ألَّف الأشجان حولي ... وفرَّقَ بين جفني والمنامِ
ودمعٌ لا نفاد له، كأني ... أروم به مساجلة الغمامِ
وصبرٌ حاول الأسواء حتى ... علاهأن فاستعاذت، بانهزام
ألا لله نفس جشمتها ... مخامرةُ العلى همم سوامِ
وفي كف الحضائر أسلمتها ... عزائم تنبري مثل السهام
تقول أفيك للتقصير عذر ... وأنت ابن المفدَّى بالأنام
أبي إسحاق فائدة الليالي ... وبهجتها وواسطة النظام
همام أغربت فيه المعالي ... تقدّمه المعارفُ كالإمام
أغر الوجه وضاح السجايا ... بريء العرض من عيب ودام
ولو قسمت مكارمه البرايا ... فقدنا في الورى صنف اللئام
إذا استبق الكرام مدى رهان ... بدا وهو المجلّى في الكرام
أو اقتسموا على خطط المزايا ... يكون له المعلّى في السهام
غدا المثلَ الشرود تقى وعلماً ... وحلماً في وقار واحترام
تناسينا به ذكر ابن قيس ... ومعروفٍ ومالك الإمام
تسامى للعلا طفلاً معنّى ... بكسب العلم لا كسب الحطام
فأحرز في الكمالِ مقامَ صدق ... تضاءلَ دونه بدرُ التمام
وأصبحَ منه هذا الدين يسمُو ... بعزَّ حمى تاجٍ فوقَ هام
وسيفٍ بالهدى أمسى محلَّى ... وبالعرفان أضحى ذا اتسام
بهمته تزول ذرى الرواسي ... وتنهلُّ الغمائمُ في انسجام
عذيري من أعاديه إذا لم ... يهابوا سطوة اللَّيث المحامي
ألمَّا يذعنوا لما تحدَّى ... يوازون الشوامخ بالإكام
وراموا أن يدانوه فكانوا ... مكان المنسمين من السَّنام
أمولى نعمتي وعماد مجدي ... ويا سندي ويا كلَّ المرام
إليك عقود أمداح جلاها ... صناع الفكر في حسن انتظام
خدمت بها مقامك يوم ختم ... يفوقُ عبيرهُ مسكَ الختام
أدرتَ به علينا كأسَ علم ... دهاقاً جزجه سحرُ الكلام
وحلَّيت النفوس بحلي فضلٍ ... به تزدان ما بين الأنام
ألا إنّ "المحلَّي" لو رآه ... لأعجب من فوائدك الجسام
ونال كتابه عنكم وأمسى ... يفاخر منك بالشيخ الهمام
فملَّئت الهنا فيه وفيما ... يليه، وما يليه إلى القيام
تسر بما تروح به الأعادي ... وتغدو في مساورة الحمام
ودمت وأنمت في شرفٍ وأمن ... دوام الركن فينا والمقام
وقرظ هاته القصيدة أخوه الشيخ علي الرياحي، بقوله: [الوافر]
أهذا الفجرُ أم بدرُ التمام ... أم المشمسُ العديمة للغمامِ؟
أم الوجه المهلل من فتاة ... تراءت في محاسنها العظامِ؟
إذا ما أعرضت يوماً بصدَّ ... تجر العالمين إلى الحمام
إذا ما أتحفتك بريق ثغر ... يخال الريق من رشف المدام
تحاكي البان قدَّا إذ تبدت ... وتحكي السحرَ في لطف الكلام