للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان خليفة الجامع على عهده "الشيخ محمد سويسي" قاضي الحاضرة. وبعد وفاته سنة أربع ومائتين وألف أقيم عوضه خليفة لإقامة الخمس والجمعة الشيخ "محمد بن أحمد الطويبي" قاضي الحاضرة وحيث أن الإمامين البكريين الأخيرين لم ينتفع منهما الجامع بإمامة ولا بخطبة ولا برواية الحديث زاد الأمير علي باي خليفة آخر إماماً ثالثاً لإقامة شعائر الجامع عند عجز الخليفة. وقدم لذلك الشريف "الشيخ علي بن أحمد محسن" فكان الإمام البكري يحضر بذاته في الجامع وقت رواية الحديث وخليفتاه يروبان بين يديه صحيح مسلم والشفا للقاضي عياض رضي الله عنهم أجمعين.

الشيخ علي البكري هو الشيخ أبو الحسن علي بن أبي الغيث بن حمودة بن أبي الغيث بن علي بن أبي بكر بن محمد تاج العارفين، عاشر الأيمة البكريين. وليها بعد وفاة والده مع عدم تأهله، وزاد على من قبله بالتغفل والبله حتى كمان محجوراً عليه ونظره للوجيه أبي العباس "أحمد النوّي" وكان يمنعه من الخروج ستراً لحاله. وكان خليفته الإمام الثاني على عهده الشيخ "محمد الطويبي" قاضي الحاضرة والإمام الثالث الشيخ علي محسن. ولما توفي الإمام الثالث في السادس والعشرين من ذي القعدة سنة تسع ومائتين وألف تقدم عوضه بعدَ حين شيخ التجويد على الختمة العالم الشريف الشيخ "عمر المحجوب" في غرة رجب سنة عشر. وتقدم للتجويد على كرسي الجامع الشيخ "محمد بن محمد الصفار القيرواني الرعيني".

ولما توفي الإمام الثاني ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من يناير الموافق لتاسع شوال سنة سبع عشرة قدم حمودة باشا يوم الثلاثاء السادس عشر من شوال عوضه الشيخ "عمر المحجوب" إماماً ثانياً، وأقام العالم الصالح الشيخ "محمد العيوني" إماماً ثالثاً، وكان يستند في تدريسه إلى الإسطوانتين المتلاصقتين أمام الختمة وظهرت له في الجامع كرامة، وذلك أن الإمام الثاني اتفق له أن مرض ورام هذا الشيخ المبيت بجبل المنار فاستناب شيخ الختمة للصلاة وخرج لجبل المنار فاتفق للنائب أن اعترضه إسهال أول الليل حضر معه لصلاة العشاء بالجامع محلى غاية التعب وتزايد به الأمر بعد ذلك، وبينما كان الشيخ العيوني مع مجالسيه بجبل المنار أواسط الليل قال لهم: إنه لا بدّ لي من أن أرجع الآن إلى تونس، وخرج في ذلك الحين راجعاً يستضيء بضوء القمر. ولما حان وقت صلاة الصبح وأيس وقادُ الجامع من حضور النائب فتح الجامع وبقي محتاراً ينتظر ما يصنع وإذا بالشيخ العيوني أقبل على الجامع رضي الله عنه.

ولم تطل مدة إمامته بل إنه لم يلبث أن توجه إلى طريق الله وأعرض عن الدنيا وعلائقها على حين مرض الإمام الثاني فأرسل الأمير حمودة باشا بتولية العالم الفاضل الشيخ "عمر بن علي المؤدب" فتقدم إماماً ثالثاً صبيحة يوم الأحد الثامن والعشرين من جمادى الثانية سنة عشرين وأقام بجامع الزيتونة لإقامة الخمس والجمعة والتدريس بالجامع مدة حيث إن الإمام البكري عاجز والخليفة مريض ولم يزل الشيخ "محمد الصفار" شيخ الختمة في جلالة خطته واحترامها.

قيل: إن الأمير حمودة باشا لما بلغه خبر وفاة المنفرد بحسن الصوت الذي

<<  <   >  >>