للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاشف الغليل بقربه فلطالما ... شط المزار وعاقت الأقدار

واحفظ جفونك من سناه فإنه ... ببريقه تنخطَّفُ الأبصار

وإذا أنامله اللَّطاف لثمتها ... فحذار من غرقٍ فهنَّ بحار

وافخر على كل الملوك بلثمها ... ما بعده للمستقر فخار

شتان بين ابن الرسول وغيره ... أو يستوي ليلٌ دجا ونهار

هذا يزين الشعر طيبُ حديثه ... حسناً وذلك تزينه الأشعار

هذا الخليفة وابن أكرم مرسلٍ ... وسليلُ من فخرت به الإعصار

وخلاصة الأشراف والخلفاء منْ ... بيت البتول ومن حواه إزار

وأعزّ وارث ملك إسماعيل من ... بطل شذا أخباره معطار

وأجلُّ سلطان وأكرم مالك ... شرفت بملك يمينه الأحرار

وأحقُّ من تحت السماء بأن يرى ... ملكَ البسيطة والورى أنصار

لكن إذا كلُّ القلوب تحبُّه ... فلغيره الأجسام وهي قفار

هذا سليمان الرضا ابن محمدٍ ... من أشرقت بجبينه الأنوار

هذا الذي رد الخلافة غضةً ... وسما به للمسلمين منار

واعز دينَ الله فهو يشكره ... في أيكها تترنم الأطيار

وحمى حماه بفصله وبنصله ... وهو الذي يحمي لديه منار

فلسانه يومَ الجدال صوارمٌ ... وسنانه يوم الكريهة نار

بمعارف وشهامة علوية ... من قبل أرهف حدها الأخطار

تخشى الضراغمُ بأسه في غابها ... وتصاغرُ الأبطال وهي كبار

ويخاف صولة عدله الدهرُ الذي ... مهما يجرْ يوماً فنعم الجار

وهو الذي يرجى لكل ملمّة ... ضاقت بحمل ضئيلها الأقطار

وهو الذي يسعى إليه إذا دجا ... ليلُ الخطوب وساءت الأفكار

كمجيئنا نسعى إليه وقد سطا ... جدب وعم جميعنا إضرار

علماً بأنا الدنيا بمقلة زاهد ... ودرى بأن جمالها غرَّار

مولى رأى الدنيا بمقلة زاهد ... ودرى بأن جمالها غرَّار

فرمى بها منتزهاً وكذاك من ... كانت كرامَ أصوله الأطهارُ

وتخير الأخرى بهمة عارف ... لم يرضها دون الجنان قرار

فرحت به الأخرى كما صلحت به ... الدنيا فطاب لأهلها استقرار

عمَّ البريئة حلمه وحياؤه ... وتواترت بسخائه الأخبار

مع ما له من مستلذ شمائلٍ ... نمَّتْ بطيب نسيمها الأزهار

إن تلفه لاقيته متهللاً ... وله إليك هشاشة وبدار

متبسماً يجلو الظلام جبينه ... مستبشراً تجلى به الأكدار

من عصبة ورثوا العلا وتناسقوا ... فيها كما انتسقت بها أسطار

وتسابقوا في المكرمات فلن ترى ... منهم سوى من فضله مدرار

صلحاء أبرارٌ أماجدُ سادةٌ ... علماء أخيارٌ تلت أخبارُ

خلفاء أشرافٌ كرام قادة ... سرجٌ بها للمهتدي استبصار

أسدٌ إذا حمي الوغى وإذا دجا ... ليل بكت لبكائها الأسحار

من كل أحزمَ يتقيه حمامه ... شاكي السلاحِ له اليقين دثار

درب على طعن الأباهر والكلى ... وعليه للحرب العوان مدار

قومٌ إلى نهب النفوس إذا سطا ... فطوال آمال العداء قصار

شد الإله بهم معاقد دينه ... والله جلّ لدينه يختار

وأعزَّهم بعزيز نصرته التي ... رعب القلوب أمامها ستَّار

أفما رأيت الكفر ذلَّ لعزهم ... وسنانه لسواهم خطَّار

تهوى المشارق أن تكون مغاربَّا ... ليعمها في الملتحين جوار

وتنال من عز الشريف كما رأت ... إذا كان فيها للخلافة دار

رد الزمان لصدره فكأنما "ال ... فاروق" بين ظهرونا أمَّار

العدل يبسط والنفوس سوامحُ ... والدين يظهر والعلوم تدار

والناس في رغد الحياة بجبذضة ... تجري لهم من تحتها الأنهار

فليذكروا النَّعم التي عمتهمُ ... الله يعلم أنَّهن عزار

ولنسألِ استمرارها ببقائه ... فبقاؤه لصلاحنا استمرار

الله يبقى نصره متأيَّدا ... في عزة خضعت لها الأقدار

ويديمُ أملاك السماء تحوطه ... بعناية شيدت لها أسرار

والأرضُ قبضة راحتيه وأختها ... منها له تنتزل الأسرار

ما دمتمُ يا أهل بيت محمد ... حرماً يطوفُ ببيته الزوار

<<  <   >  >>