للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رمت القياس بغير معنى جامعٍ ... وغرست لاستثمار غصن خلاف

إنَّ الكواكب في السماء كثيرة ... لكن ذكاءُ فريدةُ الأوصاف

وكذلك الأشراف كلَّ جوهرٌ ... وأبو الربيع فريدةُ الأصدافِ

هل عمكم منه التقى فسئمتمُ ... نعمَّا سوابغ سترهن ضواف؟

أم علمه أم حلمه أم عدله ... أم وكف كفَّ يمينه المتلاف؟

أم رمتمُ بطراً وكم من قرية ... بطرت فجرّ بها إلى الإتلاف

فنقضتمُ العهد الذي قد أوثقت ... كفُّ الشريعة في يد الأسلاف

ونسيتم يومَ الولايةِ وهو في ... كرهٍ لها والقوم في إلحلاف

لم يرضها لولا صلاحٌ رامه ... وتضرُّع العلماء والأشراف

حتى إذا استولى كما شاء الهدى ... وبشمتمُ بالبر والألطاف

قلتم نخالفه وأي فضيلة ... في منهل عذب الموارد صاف؟

لم يرضني والعالمين بأسرهم ... إدٌّ أتيتم للرشاد مناف

تستوجبون بذاك لولا حلمه ... ما استوجبته القوم بالأحقاف

لكن عفا والعفو فيه سجيةٌ ... واتى بصفحٍ وافرٍ وعفاف

لم يلتفت لنفاذ قدرته التي ... بالنون مدَّ مديدها والكافِ

وأمدَّ من جند السماء وراثة ... من جدَّه المختار بالآلاف

لكنَّ طودَ ثباته لم يهتزز ... بعواصف من غيهم أصناف

ورعى حقوق الله والأرحام في ... قوم زعانف للضلال خفاف

كرهوا الهدى والحقَّ لما جاءهم ... جنفا إلى الإهمال والإسراف

ولو إنما اتبع الهدى أهواءهم ... جاؤوا بسم للأنام زعاف

يا خاتم الخلفاء لا تخفل بهم ... واصدع بأمر الله صدع مصاف

وأصبر كما صبر الهداة فإنها ... محنٌ يلدن منائح الإتحاف

فالله حسبك والذين استيقنوا ... فتصامموا عن ناعق استخفاف

واحلم على المولى (السعيد) فإنه ... برُّ البنوة صادق الإسعاف

مثل اليزيد جفا فجاء بصارم ... في فيه للسلطان ذا استعطاف

فأناله بالحلم واسع عطفه ... عطف الأبوة سابغ الأعطاف

لا تيأس القربى حنانك بعدما ... فاضت سحائبه على الأطراف

ما همَّمهم نصرٌ له لكنهم ... نصروا سخائم في النفوس خوافِ

ولك الثناءُ مخلَّدٌ في هذه ... والفتح والنصر العزيز مواف

يا منْ إذا تليت محاسنُ مدحه ... طرب النهى من كأسها بسلاف

ومتى يوم مثن عليك بلوغه ... في الأرض قال له المديح أنافي

دامت حياتك للقلوب مسرةً ... والله جلّ بنصره لك كاف

خذها جناناً في عيون أجلةٍ ... ولها لهيبٌ في قلوب سخاف

قصرت نبالي أن تناضل دونكم ... فبريتُ من نبع الجدال قواف

ترمي العداة بكل معنى مصعقٍ ... وبكل لفظ مبرق خطَّاف

شكراً لأنعمك التي أسبغتها ... ولو أنه لعلاك غيرُ مكاف

أهدي إليك تحيةً عطريةً ... تغشى منازل آل عبد مناف

بعد اختصاص المصطفى بصفيها ... وتعمُّ نشراً كلَّ من هو قافِ

ولما أن استناب المولى السلطان ابنه العلوي الشريف إبراهيم إلى حج بيت الله الحرام سنة ثمان وعشرين وبلغ الخبر بأنه قاصد المرور على طريق تونس استحضر له الشيخ إبراهيم قصيدة ليتلقاه بها لكن تبين أنه رجع من حجه إلى حاضرة فاس فأرسلها إلى حضرة والده السلطان مولاي سليمان رضي الله عنه وهي قوله:

هذا المنى فانعم بطيب وصال ... فلطالما أضناك طول مطال

مذا وكم أوليتني يا نخبري ... بقدومه من منَّةٍ ونوال

بشرتني بحياتي العظمى التي ... قد كنت احسبها حديث خيال

بشرتني ابن الرسول لو غنما ... روحي ملكت بذالتها في الحال

بشرتني بسلالة الخلفاء منْ ... أمداحهم تتلى بكل مقال

من حبُّهمْ فرض الكتاب كما ترى ... (إلا المودّة) حين يتلو التال

من ضمَّهم شمل العباء وأذهبوا ... رجساً فيا لك من مقام عال

من قوَّموا أود المكارم بعدما ... شادوا الهدى بمعارفٍ ونبال

لولاهمُ كان الورى في ظلمة ... مرَّتْ غياهبها بكل ضلال

آباءك الأطهار أقصدْ يا أبا ... إسحاق يا نجلَ المليك العالي

يا حبَّه وصفيه من قومه ... وخياره من سائر الأنجال

<<  <   >  >>