لو لم تكن أهلاً لصفو وداده ... لم يستنبك لجده المفضال
لكن توسم فيك كلَّ فضيلةٍ ... فحبا يمينك راية الإقبال
وأقام جودك بل وجودك زادَ من ... يبغي ببيت الله حطَّ رحال
أنت استطاعتهم فما عذرُ الذي ... ترك الزيارة خيفة الإقلال؟
وبك المشاعر أطربت طرب التي ... وجدتْ على ولهٍ فقيد فصال
ووصلتها رحماً هناك قطيعة ... دهراً مضى وبللتها ببلال
وتأنَّس الحرمان منك بطلعة ... أغنتهما عن وابل هطَّال
كرمٌ لكم أدريه يومَ أفاضه ... عني سليمانٌ بأي سجال
وهب الألوف وكان أكرمَ منزلٍ ... يسلي الغريب ببره المتوالي
يوم التشرف لي يلثم يمينه ... وتمتعي من وجهه بجمال
وتلذذي بخطابه المعسول إذ ... حفَّتْ به للدرس رجال
لمْ أنسهُ يوماً حسبت نعيمه ... للذائذ الجنات ضربَ مثال
عجباً له يحي القلوب بعلمه ... ويميتُ جند الفقر منه بمال
وإذا تقلَّب للوغى فحسامه ... تعنو الرقاب له بغير قتال
يتلوه بالفتح المبين عساكرٌ ... قد أرهفت بالنصر حد نصال
تخشى الملوك مقامه ولذكره ... رعباً، تطير فرائسُ الأبطال
وينال آمله لخفض جناحه ... ما ليس يخطر قطُّ منه ببال
حتى سقى أصفى مناهله الألى ... يسعى لمروتهم ذوو الأثقال
وأتت لمغربه الشريف مشارقٌ ... والشمس تغرب لاقتضاء كمال
لما تخلَّف عاجزٌ فبقلبه ... يسعى لفعل شعائر الإجلال
أمنية وقعت أشرت لذكرها ... في مدحها قدماً بصدق مقال
تهوى المشارق أن تكون مغارباً ... لتنال من جدواه أيَّ منال
يا فخر دين الله منه بناصر ... وسعادة الدنيا به من وال
لا تفتخر "فاسٌ" ولا "مراكشٌ" ... بولائه كلُّ الأنامِ موال
أوليسَ في كل البقاع ثناؤه ... ورد البكور وصحة الآصال؟
أولمْ يشد للدين والعلماء والأ ... شراف والصلحاء صرحَ معالِ؟
أوليس أحيا سنة العمرين في ... زمن إلى بدع الهوى ميَّال؟
أولم يعمَّ بجوده أقطارها ... لا فرق بين جنوبها وشمال؟
أولم تسرْ ركبانها بمحاسنٍ ... ضاءت لهم سرجاً بجنح ليال؟
شيمٌ يهزُّ الراسياتِ سماعها ... ويفحنَ في أنفِ الزمان غوال
أوصافُ والدك الإمامِ المرتضى ... للدين والدنيا بحسن خلال
ذاك الرفيع أبو الربيع ومن به ... حييَ الهدى وشرائعُ الإفضال
فبه لك الفخر الكبير، وإنْ يكنْ ... لك في العلا نسجٌ على منوال
كلُّ الكمالِ لهُ وأنتُ مقرُّه ... والفرع عين الأصل عند مآل
يا بن المليك ابن المليك ابن الملي ... ك ابن المليك سلالة الأقيال
أنستمُ ذكر العبابسة الآلى ... زالوا، وما زالوا بعين جلال
لكمُ الفخارُ بأن نسجتُ مديحكم ... حللاً تجدَّدُ كلَّ شيء بال
ولوَ أنني حاولت مدح سواكمُ ... عقل القريحة عنه أيُّ عقال
فكأنما طبعي شريفٌ حيثما ... لا يهتدي لسوى مديح الآل
أو أنَّهُ ورع النظام يكن ... بذلُ المديحِ لغيركم بحلالِ
أو قدْ درى أنَّ المديحَ تعرُّضٌ ... وسواكم لا يرضتى لسؤال
أبقاكمُ كهفاً يلاذ بمجده ... مختاركم لإنالة الآمال
وأدامكم رحمى فإنَّ بقاءكم ... من فيض رحمة سيد الإرسال
وأدام للإسلام والدك الذي ... هو رحمة وسعت بغير جدال
وعليكمُ وعلى الذين يهوالكمُ ... أزكى الرضا من حضرة المتعالي
ما دام ذكركمُ بكل صحيفةٍ ... تبعاً لأحمدَ سيد الإرسال
صلى عليه مسلماً ربُّ الورى ... وعلى مقدّم حزبه والتالي
قال الناظم: فأرسل إليّ السلطان مونا سليمان خلد الله بقاءه، وأدام في أوج سعادة الدارين ارتقاءه، جائرة يا لها من جائزة سنية، مع قصيدة أحلتني والله يعلم أني لست بأهل مرتبة علية، وكتاب أطراني فيه بأسحار من البلاغة بابلية، أما القصيدة فهي: [الكامل]
حَّيتْ فأحيتْ قلب صبّ صال ... كيما تبشره بقرب وصالِ
واستفتحت بعد التحية سورة ال ... فتح المبين بقصد أخذ الفال