للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هيفاء ترفل في مطارف سندسٍ ... من نسج تونسَ لا تسامُ بمال

مخضوبة الكفين والقدمين في ... طول القنا ملموزة بدلال

بينا نسائل بعض أتراب لها ... إذ أسفرت عن وجهها المتلالي

فتضاءلت لسناه أقمار الدجى ... والصبح أصبحَ كالقميص البالي

فحسبتها الدرَّ الثمين ملاحةً ... أو بنت فكر السيد المفضال

العالم العلم الذي أهدى لنا ... درر المعاني بل عقود لآل

أدت قريحته وثاقب ذهنه ... ما أعجزَ البلغا لبعد منال

يا أهل تونسَ حزتمُ شرفاً بما ... أبديتمُ من صالح الأعمال

يكفيكمُ أنَّ فيكم هذا الذي ... حلَّتْ بلاغته محلَّ كمال

حتى غدت أمداحه ما بيننا ... تقرا لدى الغدوات والآصال

فلربما أدى البعيد بأرضه ... حقاً ولم يحتج إلى ترحال

فله علينا أيُّ فضل أيها الشع ... راء إنْ أنصفتم في الحال

حيث اهتدى لمقاصد فافتض من ... أبكارها عذراء ذات جمال

يا حسنها من كامل في كامل ... أزرت بذات القرط والخلخالِ

يا ما أميلحها تردد قولها ... هذا المنى فانعم بطيب وصال

فلذا غدت أرواحنا تهتز من ... طرب استماع نسيبها المتوالي

فكأنما النشواتُ في أشباحنا ... نشوات سكرٍ لا بخمر دوال

لله در قصيدة حلَّى بها ... جيدَ البلاغة للمقام العالي

جاءت كأحسن ما رأيت بلاغةً ... وفصاحةً جمعت ثلاث خصال

حسنَ الصنيع وجودة اللفظ البدي ... يع ودقَّةَ التفصيل والإجمال

أنستْ بلاغتها قصائد من مضى ... وبدت بأفق المجد بدر كمال

فاللَّهُ يجزيه جزاء عباده ال ... أبرار فوق السؤل والآمال

حتى يرى في جنة الفردوس من ... حزب النبي وصحبه والآل

وأما الكتاب فهذا نصه..

"هذا بحول الله كتاب كريم، يغني روض خطابه عن أزهار الجزاء العميم، من العبد المتوكل على ربه في السر والإعلان، أمير المؤمنين سليمان، عمه الله بالعفو والغفران، إلى الشيخ المجلي في حلبات الأدب، على كل من لأسرار البلاغة انتسب، الشاعر المطبوع، الرابط بحيل أسلوبه البديع بين كل محمول وموضوع، العالم النقاد، السالك على سنن النسام والزهاد، تاج المفرق بالإقليم الإفريقي، أبي سالم السيد إبراهيم الرياحي، لا زالت نافحة محاسنه يضوع عبيرها بأقصى النواحي، ثم عليه من السلام، ما يسمو به في سماء العز سمو بدر التمام.

أما بعد، فقد وصلتنا قصيدتك الرافلة في أذيال البيان، المحتج بدلائل إعجازها على أدباء الزمان، فرقعت منا ومن أدبائنا موقع الاستحسان، حتى خلناها نسجت على طراز حسن، مع إعرابها عن الود الصميم، في جنب أهل البيت الكريم، وبناء مطلعها على الأصل العجيب، لا على ما عسى أن يستحسن من الغزل والنسيب، فلله أنت من عبد شاكر، وحر لما سبق من الوصل ذاكر، إلخ ما تضمنه المكتوب من ذكر العطاء الجزيل، والثناء الجميل، فجزاه الله التمتع بوجهه الكريم، في دار النعيم، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم". أ. هـ?.

ومما اتفق له مدة إقامته بالديار المغربية في تلك السفارة التي أسفرت له عن كل كمال، وأحلته من كل مجلس محل الإقبال والإجلال، أن تحفة أدباء بلد سلا الشيخ محمد القرشي السلاوي، وصف مجلس مولاي عبد السلام أخي السلطان بم طاب وراق، ثم استجاز الشيخ فساجله في ذلك فكانت أبيات الشيخ محمد القرشي، هي قوله:

ومجلسٍ رائقٍ من فضله سقيت ... أرواحنا برحيق العلمِ والأدب

من فيضِ صنو أمير المؤمنين ومنْ ... يسمو السُّها منصباً في أرفع الرتب

حتى رأينا غصون الروض مائلة ... وتلثمُ الأرض أحياناً من الطرب

وكانت إجازة الشيخ إبراهيم الرياحي هي قوله:

والورقُ مقتنَّةُ الألحانِ راقصة ... والزهرُ مبتسم عن ثغره الشنب

لا غرو أن رقصت أرواحنا طرباً ... وجر أذيالنا فخراً على الشهب

فإنما نحن عند الطاهر النسب ابن الطاهر النسب ابن الطاهر النسب وقد زاره الشيخ محمد القرشي في منزله فتلقاه بقوله: [البسيط]

قد أنعم السيد القرشي بزورته ... فيا فؤادي بذاك المنظر ابتهجِ

<<  <   >  >>