للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سابعها: أن شأني ظريف ومزاري خفيف لا خبز ولا سديف ولا عسل ولا رغيف ولا قهر ولا صليف إنما هو أنس يبذل ونفس في التقابض تعدل ومذاكرة تهز دوحها وتنشق روحها أما القرى فقد كفى سيدنا الشيخ مؤونته الثقيلة ولم يحوج لتشويش العقل واستخدام الفعيلة فليت شعري ما الذي عارض هذا الأصول ومنع السيد من الوصول وما دليله في المحصول اللهم إلا أن يقول عمل أهل المدينة ينافيها فهذا ربما يقنع النفس ولا يكفيها على أن جل البلد منحسم الأمل لا يرى مذهب العمل أو يقول إني مشغول وفي حبال المطالعة موغول قلنا فهلا جعلنا مولانا من جملة أشغاله ومنح العبيد بنزر من نواله وهلا إذا لم يتفضل سيدنا بالقدوم أذن لنا في زيارة مقامه المخدوم ولم يعتمد عذراً يقتضيه الكرم والمنصب المحترم فلم تزل -رعاك الله- الأفضل إلى التماس البر ذات اشتياق والعرف بين الله والناس باق والغيرة على المنصب مفروضة والأعمال معروضة والله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة وكثير ما كنت أسأل عن زيارتكم لنا فأجمل المفسر وألم بالكذب بما تيسر، وربما طرق من الاستحيا، واعتذر على ما بي من الإعيا، ولما ضاق مني العطن، وحان أوان الرجوع إلى الوطن، بثثت اعتقادي، ونفثت في عقد ودادي، فإن قضي اللقاء حصل الكمال، واستوفيت الآمال، وتظافرت النيات والأعمال، وارتفع من سوء القصد الإهمال، وحاجة نفس قضيت، وأحكام آمال ارتضيت، وإن اتصل الفراق فعين على القذاء أغضيت، ومناصل ما وصل انتصيت، وبكل حال فالثناء جميل، وإن لم يقض من برك تأميل، وشكري لشكر الخلق فيك تبع، وإن لم يقع في جوارك ري ولا شبع، ولا تؤاخذ فالقصور باد إذا تؤمل، والإغضاء أول ما أمل، فإنما هي فكرة أخمدت نارها الأيام، وغيرت آثارها من البنين سهام، وما ألممت به إنما هو دعابة تخف على أهل النبل، ومن يسلك من السفر أوضح سبل، والله يمتع بعد لقائك أمين، والسلام. متمم صفر عام ١٢٤١.

[الكامل]

إن العتاب صقالُ كل مودَّةٍ ... صديت ومغمدُ كل حقدٍ مصلت

وهو المسيحُ يميتُ كل مخيلةٍ ... حييتْ ويحيى كل ودٍّ ميّتِ

وقد أجابه الشيخ ابراهيم الرياحي عن ذلك بما نصه: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهو الله في السماء وفي الأرض، يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيئين وإمام المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين، إلى يوم الدين".

[الطويل]

عجبت وهل ذا الدهر إلاّ عجائبٌ ... لمن قال ذا عتبٌ بحسن بيانِ

أتيناكمُ من بعد أرض نزوركم ... وكم منزلٍ بكر لنا وعوان

نسائلكم هل من قرى لنزيلكم ... بملء جفونٍ لا بملء جفان

أتاتوننا قصد الزيارة ثمَّ لا ... توافوننا من بعد نيل تلدان

وتغنون بالإرسالِ عن وصل حبَّكم ... وقد صار منك الوصلُ طوعَ بنان

لقد جلّ هذا الحب حتى كأنَّه ... سرابٌ تراءى لامعاً لعيان

وساءلتمُ ملءَ الجفونِ قراكمُ ... أشرتم إلى بخلٍ بملء أوان

بعيشك ما صد الجفونَ عن القرى ... وما احتجبت في لقياه للوخدان

وقد لاح لي في شرح ذاك ضمائر ... أنزِّهُ عن إعرابهن لساني

كتابك أيها السيد الذي بذَّ الأقران، وأذكر بإحسان بيانه بيان حسان، لعله مجرد إبراز لإبريز البلاغة، ومحض حسن تخيل ببنان البيان صاغه، وإهمال المراقبة لأمر العاقبة أساغه، تبغي بنفثاته البابلية قلب الحقائق العقلية والنقلية، وإلا فكيف يسوغ في معقول أو منقول، قرب الحبيب وما إليه وصول، والقناعة عن ملء الجفون برسول بعدما ادعيتم من معاناة البعد والبعد، ومكابدة الشوق الطويل المديد، وقد قال القرب "هذا ما لدي عتيد"، أو أن حبكم ملبني على غير أساس، أو لم يعذ من شر الجنة والناس، فابتلي عقده بالفسخ، وقبل التبليغ وقع النسخ، ثم إنك لم تأل جهداً في السباب، وأتيت من فنونه بالعجب العجاب، ورمت ترويجه على أولي الألباب، باسم الدعابة والعتاب، وهل تخفى الشمس ليس دونها حجاب. فكنتم كهادم محل سكناه، أو كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه، ولو كان القلب مازال تستفزه البروق، وصهباء الشباب بمزاج السرور تروق، لجريت معك في هذا الميدان، خليع العذار طلق العنان، وأثبت متشابه كتابك بأتم بيان، ولكن.

[الطويل]

<<  <   >  >>