نعم يا أميرَ المسلمينَ وكهفهمْ ... إذا مسَّهمْ ضر فمنك له كشف
أتيتك ضيفاً مشتغيثاً وشأنكم ... إغاثة لهفان وأن يكرم الضيف
توالى علينا الضّعف من كل جانب ... وما زال ذاك الضعف يتبعه ضعف
فجئناك نبغي العفوَ واللّطفَ والرضا ... وهل من سواك العفو يطلب واللطف؟
فعشيةُ منْ ترضى عليه هنيئةٌ ... وكيف لعيشٍ دون عفوك أن يصفو؟
رضاك رضا المولى لأنك ظله ... وللظل من أوصاف صاحبه وصف
أدام لنا المولى إضاءة شمسه ... وليس لها يوماً غروب ولا كسف
بجاه نبي الله سيدنا الذي ... له خلقٌ يقضي عليه بأن يعفو
عليه صلاةُ الله ما ذر شارق ... وما حطّ بالأقلام في طرسها حرف
وللآل والأصحاب طيب تحية ... يفوح على الأتباع من نشرها عرف
وخاطب الصدر الأعظم بالدولة العلية يومئذ في طلبته بقوله: [الكامل]
الصدر الأعظم مقصد المتوسل ... وهو المؤمل في القضاء المنزلِ
ولذاك من أقصى البلاد أتيته ... للفوز منه ببرء داء معضل
يا ملجأ الصلحاء والعلماء ال? ... ?وزرا ومن في الناس ذو قدر كعلي
كالنَّد أو كالعطر أو المسك ما ... يحويه عرضك من ثناء أجمل
فبما حباك الله من خلق سرى ... كالراح في الأرواح لا في المفصل
وحباك من خلق كأن الشمس في ... شرفٍ ترى في وجهك المتهلِّل
اشفع لنا فيما دهى "ترشيش" من ... إلزامها غرم الخراج المثقل
الفقر يمنعها وما تخشاه من ... شر الحوادث في الزمان المقبل
أرجو لك البشرى بنيل شفاعةٍ ... تأتيك من عندِ الرسول الأفضل
دامت علاك لمن أحبك جنةً ... بنعيمها قلب الحواسد مصطلي
وقد حصل من الحضرة السلطانية على إسعافه بترك طلب الخراج، ومنحت شخصه عطية فاخرة وهي حقة مرصعة برفيع الألماس. واجتمع هنالك بعالم الملة، وشيخ الإسلام الشيخ أحمد عارف وتأكدت بينهمات المخالطة وتراسلا بمراسلات شعرية منها أن الشيخ ابراهيم كتب إليه مستعيراً كتاب "الجواهر" بقوله: [البسيط المخلع]
يا عارفٌ منه فاح عرفٌ ... في أنف أهل الوجود عاطرْ
لو لم تكن في العلوم بحراً ... لم نؤت من عندك الجواهر
فوف بالوعد مع رسولٍ ... أتاك أني بذاك شاكر
فكتب إليه الشيخ أحمد عارف يستدعيه إلى محله ليعطيه الكتاب المذكور بقوله:
يا من غدا نظمه الجواهرْ ... ونثرهُ للآلي ناثرْ
والعلم روض ذكا شذاه ... بنشر أنفاسك العواطر
لو لم أكن في قيود رسم ... لزرتكم روا الزواخر
فاسمح ولح يا سميرَ بدرٍ ... عليّ إني لذاك شاكر
لا تأبه يا محيط فضلٍ ... فالبحر يجري على الجواهر
وقد استجازه شيخ الإسلام المذكور فأجاز له إجازة شعرية وهي قوله: [الكامل]
حمداً لمكرمنا بأيّ عوارف ... شمخت عن الإحصا بأنف آنفِ
وصلاته وسلامه أبداً على ... مجلي الرجا بصوارم وعوارف
ولكل من والاه أغدقُ رحمةٍ ... ينهلُّ دائمها انهلال الواكف
هذا ولما ساقني القدر الذي ... ما في وقوع صروفه من صارف
نحو "القسطنطينيّة" البلد الذي ... لايستطاع جماله للواصف
نفحت لروحي نفحةٌ مسكيةٌ ... كانت مسكِّنةً لقلبي الواجف
وأنار لي منها ضياءٌ خاطفٌ ... خلتُ البيوتَ سماءَ ذاك الخاطف
فسألت ما هذا النسيمُ وذا الضيا ... قالوا ألمْ تسمع بأحمد عارف
ذاك الذي أخلاقه كالراح في ... لطف يلذُّ مذاقه للراشف
أوْ أنها "هارت" في سحر النهى ... إن لم نقل سر سرى من "آصف"
وإذا رأيتَ جبينه متهللاً ... فعلى بدور التّم لستَ بآسلف
وغذا سمعتَ علومه فاسمع إلى ... تلك البحور طمتْ فهل من غارف
قسماً بما يحويه من حسب ومن ... نسب وفضل لاحق أو سالف
لو أبصر النعمانُ بهجةَ حسنه ... لاهتز عطفاً كاهتزاز العاطف
هذا ومن عجبٍ رأيت سؤاله ... مني إجازته كشيخ عارف
كلا وإنّي والذي رفع العلا ... أحرى بأن أروي عليه صحائفي
لكنني لا أستطيع خلافه ... وعليه فيما شاء لست بخالف