للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا القضيةُ بّينُ إنتاجها ... فلتطوها في منتج الأشكال

وإليك بكراً قد أتت لا تبتغي ... إلا الدعاءَ لنا بحسن الحال

وبقيت ترقى أوجَ آفاق العلى ... متلبَّساً بالعز والإقبال

وهناه ولده الخطيب المدرَّس الشيخ محمد الطيب الرياحي، بقوله: [الطويل]

ألا حدَّثنْ عمن به القلب مولع ... كفى طرباً ذاك الحديثُ المسجَّعُ

على ذاك حبَّست المسامع صبوة ... ولا لسواهم في فؤادي موضع

لقد ظعنوا والقلبُ يزعم كتمهم ... ولي أدمعٌ كالنهر تجري وتدفع

فلله يومٌ بان إشراق نوره ... ولله يومٌ فاض بالدمعِ مدمعُ

وأمسى كئيبَ الصدر بالبعد موحشاً ... وبات على جمر الهوى يتضجَّع

ويا نسمة سارت إلينا عشية ... مقلَّة عرف منهمُ يتضوعُ

فبالله إلا ما حملت إليهمُ ... تحية مشتاق يذلُّ ويخضع

لقد خلفوني في الوداد متيماً ... كئيباً سقيماً باكياً أتضرع

أبيتُ وأفكاري تؤمّل شخصهم ... فأصبح لهافناً وما لي مرجع

ومهما بدا ركب أبادرُ قائلاً: ... أحن إليهم بالفؤاد وأخضع

فيا عاذلي دعني فإنّ مرمكم ... هراءٌ يبق للعذَّالِ عنديَ مطمع

ففي مذهبي السلوان جاء محرماً ... فلم يبق للعذَّالِ عنديَ مطمع

وهل تختفي شمسٌ وفي الكون نورها ... وهل يختفي برق وفي الجوّ يلمع

وهل يختفي علم الهمام الذي غدا ... له موضع فوق الكواكب أرفعُ

هو الأبُ عز الله أصلي أنا به ... فطوبى لأجدادٍ أقرُّا وفرَّعوا

إمامٌ همامٌ فاضل متعفف ... شريف جليل للفواضلِ أجمع

تقيٌّ نقيُّ زاهد ذو سياسة ... حليمٌ كريمٌ للمكارم منبع

هو البحر في أيَّ العلوم أردتها ... حجاه إلى نيل الدقائق مسرع

مشارق أنوار بطلعته انجلت ... وصار لها نور يضيء ويسطع

وفي أبحر التدقيق حاز دقائقاً ... يضلُّ بها عقل سديد وألمع

فيا خير ممدوحٍ، ولست مبالغاً ... بل المرءُ باللذ قد تقفاه أجمع

رعى الله طوداً جئته بمقالة ... وليس لها رد ولا فيك تمنع

ألا كل سمع غيرك باطلٌ ... وكل مديح في سواك مضيع

وهذا دليل بالسعادة ناطق ... وأنك تحت العرش تحظى وترفع

وأفضل خير قد يكون غدا به ... كتابك مختوماً وأنت مشفع

ولما ختم تدريس شرح المحلي على جمع الجوامع الأصولي هنأه بالختم المذكور أيضاً تلميذه شيخ الإسلام الشيخ محمد بيرم الرابع، بقوله: [الوافر]

مديحك لا يحيط به النظامُ ... وجودك لا يقاومه الغمامُ

وعلمك منهل للناس طرًّا ... ومجلسك الأعزُّ له احترام

بك الآفاق قد زادت سروراً ... كأنك في فم الدنيا ابتسام

فأنت لأوج أفق الدهر بدر ... منير لا يفارقه التمام

وأنت لعز هذا الدين تاج ... وأنتَ لنصره أبداً حسام

وأنت لكل معضلةٍ ترجَّى ... وأنت لكل مشكلة غمام

جمعت من المحاسن كلَّ وصف ... وكل الناس عن هذا نيام

وآيات الفصاحة عنك تروى ... وفي كفَّ لكم منها زمام

فلو قسٌّ وسبحانٌ جميعاً ... كذا أيضاً أو الفتح الإمام

صغوا يوماً لمنطقكم لقالوا: ... يفوق الدرَّ حقاً ذا الكلام

أبا إسحاق أنت فريدُ دهر ... وأنت لقطرك العلمُ الهمام

هنيئاً يا إمام العصر يا من ... له فوق السما الأعلى مقام

بختم قد شرحتَ به علوماً ... وسرَّتْ من ضخامته الأنام

ختام قد جلا عنا ظلاماً ... وما أدراك ما هذا الختام

وهاك خريدةَ الأفكار جاءت ... يصاحبها سرورٌ وابتسام

تؤملَ حسن صفحٍ منك عما ... يقصر في مديحكمُ النظام

ويطلب ربُّها منكم دعاء ... يقيه من الحوادث إذ الحمام

ولا زالت لك العلياء داراً ... اردّد مدحكم فيها الحمام

وهنأه بالختم المذكور ابنه الشيخ محمد الطيب الرياحي، بقوله: [الوافر]

فؤاد لا يفيق من الغرامِ ... وجسم لا يبين من السقامِ

وشوق ألَّف الأشجان حولي ... وفرَّقَ بين جفني والمنامِ

ودمعٌ لا نفاد له، كأني ... أروم به مساجلة الغمامِ

<<  <   >  >>