للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البظر عضو لذة عند المرأة ينتصب كما ينتصب ذكر الرجل، وهو - كما بينا - مقابل له تشريحيًّا ووظيفيًّا وأصلهما في الجنين واحد. ولاحظ أيضًا قوله «أدنى جزء من الجلدة» وذلك مراعاةً لعدم الجور وقطع شيء من البظر، ولاحظ قوله «مع كمالها».

ثم إن الخَرَشِيّ -رحمه الله- (الشارح) استشكل كون الشهوة، والتي أشار إليها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «أحْظَى للزَّوْج» تحصل من اشتداد الجلدة مع كون الختان قطع جزء منها فقال: «(قوله أدنى جزء) أي أقل جزء (قوله ولا تنهكي) بفتح التاء وسكون النون وفتح الهاء (قوله مع كمالها) أي الجلدة أي إذا كانت الجلدة كاملة تشتد وتتقوى ولا يحصل فيها رخو فإن قلت إذا كانت تشتد مع الذكر مع كمالها فالأولى ترك الختان لأجل ازدياد القوة، قلت: الخفاض أمر تعبدي فيفعل ويتحصل بأدنى شيء» (١).

لاحظ قوله ويتحصل بأدنى شيء، فهو يرى أن إبقاء الشهوة واللذة عند الجماع مما يحرص عليه، ولذا فهو ينصح بقطع أدنى شيء. ونحن سنبين - بعد قليل - أنه لا إشكال بحمد الله وأن الجزء المقطوع لا يؤثر على الشهوة الفطرية، بل قد يحفظها.

وذكر ابن القَيِّم أقوالا لأهل العلم في حد الختان في «تُحْفَة المَوْدُود»، فقال: «وقال ابن الصَّبَّاغ (٢) في «الشامل»: الواجب على الرجل أن يقطع الجلدة التي على الحَشَفَة حتى تنكشف جميعها، وأما المرأة فلها عذرتان: إحداهما بكارتها والأخرى هي التي يجب قطعها، وهي كعُرْف الدِّيك في أعلى الفرج بين الشفرين، وإذا قطعت يبقى أصلها


(١) «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (٣/ ٤٨).
(٢) هو: أبو نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد، المعروف بابن الصَّبَّاغ، فقيه شافعي، ولد سنة ٤٠٠ هـ ببغداد وتوفي -رحمه الله- سنة ٤٧٧ هـ بها. كانت الرحلة إليه في عصره، وتولى التدريس بالمدرسة النظامية أول ما فتحت، له من المؤلفات: «الشامل» في الفقه، و «تذكرة العالم» و «العدة» في أصول الفقه. راجع ترجمته في: «وَفَيَات الأعْيَان» (٣/ ٢١٧)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (٢٠/ ١٦٧)، «طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الكُبْرَى» (٥/ ١٢٢)، «طَبَقَات الشَّافِعِيَّة» لابن قاضي شُهْبَة (٢/ ٢٥١).

<<  <   >  >>