للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(البظر) كما ذكر ابن الصَّبَّاغ والماوَرْدِيّ وابن القَيِّم والأنصَارِيّ وتقطع الجلدة المستعلية عليها دونها.

ولعل المقصود من الإشمام كما ذكره ابن القَيِّم عن الجُوَيْنِيّ هو ترك موضع القطع عاليًا، واللغة تشهد له، جاء في «مختار الصحاح»: «والشَّمَمُ ارتفاع في قصبة الأنف مع استواء أعلاه، ورجل أشَمُّ الأنف وجبل أشم أي طويل الرأس بين الشمم فيهما» (١).

وكل ذلك يؤيد ما ذكرناه من أن البظر لا يقطع، وأقوى معتمدنا هو قوله -صلى الله عليه وسلم- «أنضَرُ للوَجْهِ وأحْظَى عند الزَّوْج» فأي حظ للزوج في تقليل شهوة المرأة بقطع شيء من بظرها، بل إنها جراء ذلك قد تصاب بالبرودة الجنسية مما يسبب الكثير من المتاعب للزوجين، فلا هي حصلت لها اللذة المقصودة من الجماع، والتي تؤدي إلى وضاءة أو نضارة الوجه - كما جاء في الحديث - ولا الزوج حصل له الرضا بكونه قد كفى زوجته.

إن مراعاة حق المرأة في المتعة لمن العدل الذي أمرت به شريعتنا وحضت عليه؛ وإن الله قد قال {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨] ففهم منها ابن عباس -رضي الله عنه- أن ذلك يشمل كل شيء حتى الزينة فقال -رضي الله عنه-: «إني أحب أن أَتزين للمرأة، كما أحب أَن تتزين لي المرأة؛ لأَن الله تعالى يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وما أحب أَن أستنظف [أي أستخلص] جميع حقي عليها؛ لأَن اللّه تعالى يقول: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: ٢٢٨]» (٢).

بل إن الله قد علم المؤمنين من آداب الجماع أن يقدموا لأنفسهم بالملاعبة، والتي لها من الفوائد الجنسية والنفسية والعاطفية للمرأة - التي انتبهت إليها العلوم الطبية حديثًا - ما يجعل الإشارة إلى هذا الأمر، الذي ربما يظنه البعض غير ذي أهمية، في كتاب الله من إعجازه، وصدق الله القائل: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: ١٤].


(١) «مختار الصِّحَاح» للرَّازِيّ (١/ ١٤٦).
(٢) انظر «تفسير الطَّبَرِيّ» (٢/ ٤٥٣ - ٤٥٤).

<<  <   >  >>