للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن الحديث يصلح لمعارضة من قال بأن الصُّفْرَة والكُدْرَة حيض مطلقًا دون من قال إنهما حيض في زمان الحيض دون غيره، لأن الحديث فيما تراه المرأة بعد الطهر، وهو ظهور القَصَّة (أو القُصَّة) البيضاء أو الجفوف.

٢ - واستدلوا بالقياس، فقالوا: لما كان السَّواد حيضًا وكانت الحمرة جزءًا من أجزاء السواد وجب أن تكون حيضًا، ولما كانت الصُّفْرَة جزءًا من أجزاء الحمرة وجب أن تكون حيضًا، ولما كانت الكُدْرَة جزءًا من أجزاء الصُّفْرَة وجب أن تكون حيضًا، ولما كان كل ذلك في بعض الأحوال حيضًا وجب أن يكون في كل الأحوال حيضًا (١).

وقد أجاب عليهم ابن حَزْم -رحمه الله- بقلب القياس فقال: «لما كانت القَصَّة البيضاء طهرًا وليس حيضًا بإجماع، ثم كانت الكُدْرَة بياضًا غير ناصع وجب أن لا تكون حيضًا، ثم لما كانت الصُّفْرَة كُدْرَة مشبعة وجب أن لا تكون حيضًا، ثم لما كانت الحمرة صُفْرَة مشبعة وجب أن لا تكون حيضًا، ولما كان ذلك في بعض الأحوال - وهو ما كان بعد أكثر أيام الحيض- ليس حيضًا وجب أن يكون في جميع الأحوال ليس حيضًا، فهذا أصح من قياسهم؛ لأننا لم نساعدهم قط على أن الحمرة والصُّفْرَة والكُدْرَة حيض في حال من الأحوال ولا في وقت من الأوقات، ولا جاء بذلك قط نص ولا إجماع ولا قياس غير معارض ولا قول صاحب لم يعارض وهم كلهم قد وافقونا على أن كل ذلك ليس حيضًا إذا رئي فيما زاد في أيام الحيض، فبطل قياسهم، وكان ما جئناهم به - لو صح القياس - لا يصح غيره» (٢).

٣ - واستدلوا بقول أسماء -رضي الله عنها- مما رواه الدَّارِمِيّ وغيره عن محمد بن إسحاق عن فاطمة


(١) «المُحَلَّى» لابن حَزْم (١/ ٣٩١).
(٢) «المُحَلَّى» لابن حَزْم (١/ ٣٩٢).

<<  <   >  >>