للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: قول السادة الحنفية - رحمهم الله:

قال الكَاسَانِيّ -رحمه الله-: «و ما وصل إلى الجَوْف أو إلى الدِّمَاغ عن المخارق الأصلية كالأنف والأذن والدبر بأن استعط أو احتقن أو أقطر في أذنه فوصل إلى الجَوْف أو إلى الدِّمَاغ فسد صومه، أما إذا وصل إلى الجَوْف فلا شك فيه لوجود الأكل من حيث الصورة. وكذا إذا وصل إلى الدِّمَاغ لأنه له منفذ إلى الجَوْف فكان بمنزلة زاوية من زوايا الجَوْف» (١).

لاحظ أنهم يعللون الإفطار بالوصول إلى الدِّمَاغ بكون الدِّمَاغ منفذًا للجَوْف لا بكونها جَوْفًا مستقلًا، وليس الدِّمَاغ منفذًا للجَوْف كما سبق في المقدمة الطبية.

والحنفية - رحمهم الله - لا يعتبرون مداواة الجائفة بالدواء اليابس مُفْطِرًا لأنه لا يصل للجَوْف في الأغلب عندهم، وكذلك دخول ما لا يستقر إلى الجَوْف لا يُفْطِر عندهم لأنه لا يحصل به معنى الأكل من تسكين الجوع (٢).

يتبين من ذلك كله أن الجَوْف المقصود عندهم هو ما يقدر على تحليل الغذاء والانتفاع به، وهو يطابق في العلوم الطبية الحديثة الجهاز الهَضْمِيّ أما كلامهم عن كون الدِّمَاغ منفذًا للجَوْف أو الأذن أو قُبُل المرأة، فهذا لا يعكر على استنتاجنا، فإنما ظنوا أن هذه المخارق تنفذ إلى الجهاز الهَضْمِيّ.


(١) «بَدَائع الصَّنَائع» للكَاسَانِيّ (٢/ ٩٣).
(٢) المصدر السابق.

<<  <   >  >>