للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: قول السادة المالكية - رحمهم الله:

قال الدَّرْدِير (١) -رحمه الله-: «و صحته [أي الصوم] بترك إيصال متحلل أي مائع من منفذ عال أو سافل والمراد الوصول ولو لم يتعمد ذلك ... أو غيره أي غير المتحلل كدرهم من منفذ عال فقط بدليل ما يأتي، على المختار عند اللَّخْمِيّ (٢)، لمَعِدَة متعلق بإيصال وهي من الآدمي بمنزلة الحوصلة للطير والكَرِش للبهيمة بحُقْنَة بمائع أي ترك إيصال ما ذكر لمَعِدَة بسبب حُقْنَة من مائع في دبر أو قُبُل امرأة لا إحليل. واحترز بالمائع عن الحُقْنَة بالجامد، فلا قضاء ولا فتائل عليها دهن، وقوله أو حلق معطوف على مَعِدَة أي ترك وصول المتحلل أو غيره لحلق ولما قيد الحُقْنَة بالمائع عُلم أنه راجع للمتحلل، ولما أطلق في الحلق علم أنه راجع لمتحلل أو غيره، لكن بشرط ألَّا يَرُدَّ غير المتحلل، فإن رده بعد وصوله الحلق فلا شيء فيه فعلم أن وصول شيءٍ للمَعِدَة من الحلق مطلقًا أو من منفذٍ أسفلَ بشرط أن يكون مائعا أو للحلق كذلك مُفْطِر» (٣).

ولعل المالكية - رحمهم الله- هم الأصرح في بيان أن الجَوْف المقصود هو المَعِدَة، لأنهم فهموا أنها الجزء من الجهاز الهَضْمِيّ القادر على تحليل الغذاء.


(١) هو: أبو البركات أحمد بن محمد بن أحمد العَدَوِيّ، الشهير بالدَّرْدِير، فاضل من فقهاء المالكية، ولد في بني عدي بمصر سنة ١١٢٧ هـ، وتعلم بالأزهر، وتوفي بالقاهرة سنة ١٢٠١ هـ، من كتبه: أقْرَب المَسَالِك لمَذْهَب الإمَام مَالِك، والشَّرْح الكَبِير على مُخْتَصَر خَلِيل. راجع ترجمته في: «الأعلام» للزرِكلِيّ (١/ ٢٤٤)، «مُعْجَم المؤلفين» (٢/ ٦٧).
(٢) هو: أبو الحسن علي بن محمد الربعي المعروف باللَّخْمِيّ، فقيه مالكي، له معرفة بالأدب والحديث، قيرواني الأصل، نزل سفاقس وتوفي بها سنة ٤٧٨ هـ، صنف كتبا مفيدة، من أحسنها: التبصرة تعليق كبير على المُدَوَّنَة في فقه المالكية، أورد فيه آراء خرج بها عن المذهب وله فضائل الشام. راجع ترجمته في: «الأعلام» للزرِكلِيِّ (٤/ ٣٢٨).
(٣) «الشَّرْح الكَبِير» للدَّرْدِير (١/ ٥٢٣ - ٥٢٤).

<<  <   >  >>