أما الكلام عن الوصول للحلق عندهم وعند غيرهم من الفقهاء، فلأن الوصول إلى الحلق يقتضي بالضرورة الوصول إلى المَعِدَة إلا في حالة غير المتحلل الذي يرُدُّه من حلقه كما وضحوا.
أما قولهم أو قُبُل امرأة، فلا يصح، لأنه لا يؤدي إلى المَعِدَة كما ذكروا.
بقي أنه- كما تقدم في المقدمة الطبية - ليست المَعِدَة فقط القادرة على تحليل الغذاء، بل والأمعاء الدقيقة وكذلك الغليظة إلى حد ما، فإنها تمتص الأملاح والجلوكوز.
ثالثًا: قول السادة الشافعية - رحمهم الله:
قال النَّوَوِيّ -رحمه الله-: «من المُفْطِرات دخول شيء في جَوْفه وقد ضبطوا الداخل المُفْطِر بالعين الواصلة من الظاهر إلى الباطن في منفذ مفتوح عن قصد مع ذكر الصوم وفيه قيود: منها الباطن الواصل إليه وفيما يعتبر به وجهان أحدهما أنه ما يقع عليه اسم الجَوْف والثاني يعتبر معه أن يكون فيه قوة تحليل الواصل إليه من غذاء أو دواء والأول هو الموافق لكلام الأكثرين كما سيأتي إن شاء الله تعالى ويدل عليه أنهم جعلوا الحلق كالجَوْف في بطلان الصوم بوصول الواصل إليه. وقال الإمام إذا جاوز الشيء الحُلْقُوم أفطر. وعلى الوجهين جميعا باطن الدِّمَاغ والأمعاء والمثانة مما يُفْطِر الوصول إليه حتى لو كان على بطنه جائفة أو برأسه»(١).
ويظهر من كلامه -رحمه الله- اختلاف الشافعية وأن بعضهم يرجح قول المالكية في اعتبار قوة التحليل في الجَوْف المقصود.
أما توجيهه للقول الذي رجحه وعده قول الأكثرين بجعلهم الحلق كالجَوْف ففيه نظر، فإنه لا يخفى أن ما يصل إلى الحلق يصل إلى المَعِدَة، فإن لم يصل ففي إيصال عينٍ إلى الحُلْقُوم شبهٌ بصورة الأكل واضح.