للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: قول السادة الحنابلة - رحمهم الله:

قال الرحيباني -رحمه الله- (١): «(وكذا) يفسد صوم بـ (كل ما يصل لمسمى جَوْف) كالدِّمَاغ والحَلْق والدُّبر، وباطن الفَرْج، (فيُفْطِر من أكل أو شرب، ولو ريقا أخرجه بين شفتيه) لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] فأباحها إلى غاية، وهي تبين الفجر، ثم أمر بالإمساك عنهما إلى الليل؛ لأن حكم ما بعد {حَتَّى} مخالف لما قَبْلها، (أو استعط) في أنفه بدهن أو غيره، فوصل إلى حلقه أو دماغه لنهيه -صلى الله عليه وسلم- الصائم عن المبالغة في الاستنشاق، ولأن الدِّمَاغ جَوْف، والواصل إليه يُغَذِّيه، فيُفْطِر كجَوْف البدن. (أو احتقن) في دبره فسد صومه؛ لأنه يصل إلى الجَوْف، ولأن غير المعتاد كالمعتاد في الواصل، ولأنه أبلغ وأولى من الاستعاط. (أو داوى الجائفة، فوصل إلى جَوْفه) لإيصاله إلى جَوْفه شيئا باختياره، أشبه ما لو أكل» (٢).

وتراه هنا يعلل الفطر بوصول الأعيان إلى الدِّمَاغ بكون الواصل إلى الدِّمَاغ يُغَذِّيه كجَوْف البدن - وهو غير صحيح- فهل هذا يعني أن الحنابلة يقصدون بجَوْف البدن ما له قدرة على تحليل الطعام؟


(١) هو: مصطفى بن سعد بن عبده السُّيُوطِيّ الرَّحِيبَانِيّ (ضبطها الأكثر الرَّحِيباني، وضبطها محقق «السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة» عبد الرحمن العُثَيْمِين بضم الراء وفتح الحاء.)، الدِّمَشْقِيّ، فرضي كان مفتي الحنابلة بدمشق، ولد في قرية الرحيبة من أعمالها سنة ١١٦٠ هـ، وتفقه واشتهر وولي فتوى الحنابلة، وتوفى بدمشق سنة ١٢٤٣ هـ، له مؤلفات، منها: «مَطَالِب أُولي النُّهَى في شرح غاية المنتهى» في فقه الحنابلة، و «تُحْفَة العباد فيما في اليوم والليلة من الأوراد» جمعه من الأصول الستة، وتحريرات وفتاوى. راجع ترجمته في: «الأعلام» للزرِكلِيِّ (٧/ ٢٣٤)، «مُعْجَم المؤلفين» (١٢/ ٢٥٤).
(٢) «مَطَالِب أُولي النُّهَى» للرَّحِيباني (الرُّحَيباني) (٢/ ١٩١). وما بين الأقواس لصاحب «غاية المنتهى» مَرْعِيّ بن يوسف الكَرْمِيّ.

<<  <   >  >>