وقبل ذلك كله، فقد صح النهي، وسواءٌ كان الحيوان نجسًا أم لا، فإن أكله ممنوع، وكذلك شرب لبنه.
ويضاف إلى كل ما تقدم دليل من الأصول. وهو أنه عند تعارض الحاظر والمبيح في باب الذبائح والصيد قدمنا جانب الحظر على جانب الإباحة.
لقد استدل العلماء -رحمهم الله- على هذه القاعدة النفيسة بما رواه مسلم عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت إنا قوم نصيد بهذه الكلاب، فقال:«إذا أَرْسَلْتَ كِلابَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ عليها فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ وَإِنْ قَتَلْنَ إلا أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ فَإِنْ أَكَلَ فلا تَأْكُلْ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إنما أَمْسَكَ على نَفْسِهِ وَإِنْ خَالَطَهَا كِلابٌ من غَيْرِهَا فلا تَأْكُلْ»(١).
فانظر - رحمك الله- كيف جعل -صلى الله عليه وسلم- الاحتمال «إني أخاف» كافيًا لتغليب المنع.
* * *
(١) «صَحِيح مُسْلِم» كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة (٣/ ١٥٢٩).