للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثَمُودَ -الْحِجْرَ- فَاسْتَقَوْا من بِئْرِهَا وَاعْتَجَنُوا بِهِ فَأَمَرَهُمْ رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُهَرِيقُوا ما اسْتَقَوْا من بِئْرِهَا وَأَنْ يَعْلِفُوا الإِبِلَ العَجِينَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا من البِئْرِ التي كانت تَرِدُهَا النَّاقَةُ» (١).

ووجه استدلالهم هو أن هذا الماء وإن لم يكن نجسًا فحين كان ممنوعًا من استعماله أمر بإراقته وإطعام ما عجن به الإبل، قالوا: وكذلك ما يكون ممنوعًا منه لنجاسته (٢).

والصحيح أن هذا قياس مع الفارق، وإنما كان النهي عن ماء ثمود تنفيرًا للأصحاب من أحوال الكافرين وأعمالهم، وليس هذا المعنى قائمًا في الإبل، وذلك بخلاف النجاسات.

واستدل الحنفية القائلون بجواز الانتفاع بالزيت المتنجس بحديث ابن عمر -رضي الله عنه- قال: «سُئِلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الفَأْرَةٍ تقع في السمن أو الوَدَكٍ. فقال: اطْرَحُوهَا وَمَا حَوْلَهَا إنْ كان جَامِدًا. فقالوا: يا رسول الله فإِنْ كان مَائِعًا؟ قال: فَانْتَفِعُوا بِهِ وَلَا تَأْكُلُوهُ» (٣).

والمرفوع قد ضعفه أهل العلم، وإنما صحح البعض وقفه على ابن عمر -رضي الله عنه-، وقوله يستأنس به ولا يستدل، ما لم يكن إجماعًا منهم. والانتفاع ليس بالضرورة يشمل إطعام الدواب، بل الظاهر أنهم كانوا يقصدون بذلك الاستصباح وطلاء السفن، وبينهما وبين إطعام الدواب فارق لا يخفى.


(١) «صَحِيح البُخَارِيّ» كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى وإلى ثمود أخاهم صالحا (٣/ ١٢٣٧).
(٢) «سُنَن البَيْهَقِيّ» (١/ ٢٣٥) كتاب الطهارة، باب الماء الدائم تقع فيه نجاسة وهو أقل من قلتين.
(٣) «سُنَن البَيْهَقِيّ» كتاب الضحايا، باب من أباح الاستصباح به (٩/ ٣٥٤)، وضعف المرفوع وصحح الموقوف على عبد الله بن عمر. وكذلك فعل أبو نُعَيْم في «حِلْيَة الأوْلِيَاء» (٣/ ٣٨٠). وضعفه ابن حزم في «المُحَلى» (١/ ١٤٣).

<<  <   >  >>