للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* ولقد استدل المانع من الانتفاع بالزيت المُتَنَجِّس بحديث مَعْمَر عن الزُّهْرِيّ عن عُبَيْدِ الله بن عبد الله بن عباس عن مَيْمُونَةَ -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- «سئل عن الفأرة تقع في السمن فقال: إن كان جَامِدًا فألقُوها وما حَوْلها وإن كان مَائعًا فلا تَقْرَبُوه» (١).

وقالوا بأنه لما تنجس حرم الانتفاع به والمؤمن متعبد باجتناب النجاسات. ونقل النَّوَوِيّ في المَجْمُوع قول الخطَّابِيّ -رحمه الله-: «اختلف العلماء في الزيت إذا وقعت فيه نجاسة فقال جماعة من أصحاب الحديث: لا يجوز الانتفاع به بوجه من الوجوه لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تَقْرَبُوه» (٢) ثم عقب النَّوَوِيّ -رحمه الله- فقال: «وأن المذهب الصحيح جواز الاستصباح بالدُّهْن النجس والمتنجس» (٣).

قلت: هذا انتفاع بالإهلاك وليس بالإطعام لبهيمة مأكولة اللحم وبينهما فارق، ونحن هنا معنيون بالأخير.

* ومن ذهب إلى التفريق بين الماء المتنجس والزيت، احتج بأن الماء يدفع النجاسة عن نفسه لكونه في الأصل طهورًا (٤). ولقد أردت بإيراد هذا الخلاف بيان أن حكم علف الحيوان بالمتنجس لا يدخل فيه الشحم والدُّهْن المتنجس عند جماعة من أهل العلم، وهذا هو محل النزاع في علف الدواب بالبروتين الحيواني المتنجس منه والنجس.


(١) «سُنَن النَّسَائيّ» كتاب الفرع والعتيرة، باب الفأرة تقع في السمن (٧/ ١٧٨)، والحديث اختلف فيه، فقال البخاري: غير محفوظ، وقال الذهلي: محفوظ، «فَتْح البَارِي» (١/ ٣٤٤)، حسنه النَّوَوِيّ في «الخلاصة» (١/ ١٨٢).
(٢) «المَجْمُوع» للنَّوَوِيّ (٩/ ٩١).
(٣) المصدر السابق.
(٤) «المُغْنِي» لابن قُدامة (٩/ ٣٤١)، فيكون على مذهبه وقوع النجاسة فيما فوق القلتين من الماء لا يؤثر دون الزيت.

<<  <   >  >>