«فلو عرضت فرجها شيئًا دون أن تدخله حتى ينزل فيكره هذا، ولا إثم فيه وكذلك الاستمناء للرجال سواء بسواء؛ لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح، ومس المرأة فرجها كذلك مباح، بإجماع الأمة كلها، فإذا هو مباح فليس هنالك زيادة على المباح، إلا التعمد لنزول المني، فليس ذلك حرامًا أصلًا، لقول الله تعالى:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ}[الأنعام: ١١٩] وليس هذا مما فصل لنا تحريمه فهو حلال، لقوله تعالى:{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: ٢٩] إلا أننا نكرهه؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق، ولا من الفضائل. وقد تكلم الناس في هذا فكرهته طائفة وأباحته أخرى: كما نا حمام ... عن مجاهد قال: سئل ابن عمر عن الاستمناء، فقال: ذلك نائك نفسه. وبه إلى سفيان الثَّورِيّ ... عن ابن عباس أن رجلًا قال له: إني أعبث بذكري حتى أنزل؟ قال: أف، نكاح الأمة خير منه، وهو خير من الزنى. وأباحه قوم كما روينا بالسند المذكور إلى عبد الرزاق ... أخبرني إبراهيم بن أبي بكر عن رجل عن ابن عباس أنه قال: وما هو إلا أن يَعْرِك أحدكم زبه حتى ينزل الماء. حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ... عن قَتَادَة عن رجل عن ابن عمر أنه قال: إنما هو عصب تدلكه. وبه إلى قَتَادَة عن العلاء بن زياد عن أبيه أنهم كانوا يفعلونه في المغازي (يعني الاستمناء) قال قَتَادَة وقال الحسن - في الرجل يستمني يعبث بذكره حتى ينزل -: «كانوا يفعلونه في المغازي». وعن جابر بن زيد أبي الشعثاء قال: هو ماؤك فأهْرِقْه (يعني الاستمناء). وعن مجاهد قال:«كان من مضى يأمرون شبابهم بالاستمناء يستعفون بذلك».
قال عبد الرزاق: وذكره مَعْمَر عن أيوب السختياني وغيره عن مجاهد عن الحسن أنه كان لا يرى بأسًا بالاستمناء. وعن عمرو بن دينار:«ما أرى بالاستمناء بأسًا» قال أبو محمد -رحمه الله- الأسانيد عن ابن عباس، وابن عمر في كلا القولين مغموزة، لكن الكراهة صحيحة عن عَطَاء، والإباحة المطلقة صحيحة عن الحسن وعن عمرو بن دينار وعن زياد أبي العلاء وعن مجاهد. ورواه من رواه من هؤلاء عمن أدركوا. وهؤلاء كبار التابعين الذين لا يكادون يروون إلا عن الصحابة -رضي الله عنهم-» (١).