للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما ذكر من آثار سلبية على البصر والمفاصل وغيرها لم يثبت منه شيء عن طريق البحث العلمي والتحقيق - على الأقل في زماننا- غير أن الإسراف في أي شيء قد تكون له مضار، ومثل ذلك أيضًا الإسراف في الجماع. وينبغي من التنبيه هنا أن التحريم لو ثبت بالدليل، فإنه لا يندفع إجماعًا بادعاء عدم الضرر، ولكن إن لم يثبت التحريم بالدليل الصريح، فإنه قد يحكم على الشيء بالمنع إذا ثبت ضرره.

• وغاية ما نحب أن ننبه عليه في هذه الفقرة هو عدم ثبوت الضرر عن طريق البحث العلمي، وإن ادعاه بعض الأطباء، ولكن الأصل عدم الضرر فنحن نقول بذلك حتى يثبت بالبحث العلمي القائم على التحقيق خلافه، إذ ينبغي أن ننزه الحكم الشرعي عن الاستدلال له بدعاوى هذا الطبيب أو ذاك العارية من البرهان. فإن قيل قد يتبين ضرره في المستقبل، قلنا فعندئذ يتوجه المنع.

• وحيث إنه لا يوجد دليل صحيح صريح على التحريم؛ فإن الأصل على البراءة والحل، وتتوجه الكراهة لمن فعله لغير حاجة لكونه مما يترفع عنه كبار النفوس وأصحاب الفضل، أما من فعله لحاجة فليس عليه بأس إن شاء الله. حتى أن المالكية الذين حرموه في كل حال قالوا يفعله إن خاف الزنا، قال الخَرَشِيّ -رحمه الله-: «اعلم أن استمناء الشخص بيده حرام، خشي الزنا أما لا، لكن إن لم يندفع عنه الزنا إلا به قدمه عليه ارتكابا لأخف المفسدتين» (١).

• إن ثورة الشهوة عند الشباب جامحة وقد تؤدي بهم وبالمجتمع إلى مخاطر عظيمة؛ وإن قول الحسن وزياد أبي العلاء «كانوا يفعلونه في المغازي» (٢) يشعر أنهم ينقلون


(١) «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (٢/ ٣٥٨).
(٢) «المُحَلَّى» لابن حَزْم (١٢/ ٤٠٧ - ٤٠٨).

<<  <   >  >>