للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دخل النار. وهنا لا يعلم حصول الشفاء ولا يتعين هذا الدواء بل الله تعالى يعافي العبد بأسباب متعددة، والتداوي ليس بواجب عند جمهور العلماء ولا يقاس هذا بهذا والله أعلم» (١).

ولعل ما قاله -رحمه الله- أقرب إلى الصواب في زمانه، وليس الأمر كذلك في زماننا، ولذلك قال الشيخ ابن عاشور (٢) -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣].

«ومما اختلفوا في قياسه على ضرورة الجوع ضرورة التداوي، فقيل لا يتداوى بهذه المحرمات ولا بشيء مما حرم الله كالخمر، وهو قول مالك والجمهور ولم يزل الناس يستشكلونه لاتحاد العلة وهي حفظ الحياة، وعندي أن وجهه أن تحقق العلة فيه منتف إن لم يبلغ العلم بخصائص الأدوية ظن نفعها كلها إلا ما جرب منها. وكم من أغلاط كانت للمتطببين في خصائص الدواء ونقل الفخر عن بعضهم إباحة تناول المحرمات في الأدوية، وعندي أنه إذا وقع قوة ظن الأطباء الثقات بنفع الدواء المحرم من مرض عظيم وتعينه أو غلب ذلك في التجربة فالجواز قياسًا على أكل المضطر وإلا فلا» (٣).


(١) «مَجْمُوع الفَتَاوَى» لابن تَيمِيَّة (٢٤/ ٢٦٦).
(٢) هو: محمد الطاهر بن عاشور، العلامة المقاصدي، والفقيه المدقق، رئيس المفتين المالكيين بتونس، وشيخ جامع الزيتونة وفروعه، بتونس كان مولده عام ١٢٩٦ هـ ودراسته بها. عين عام ١٩٣٢ م شيخًا للإسلام مالكيًا، وكان من أعضاء مجمعي اللغة العربية في دمشق والقاهرة، ووفاته سنة ١٣٩٣ هـ، له مصنفات من أشهرها: «مقاصد الشريعة الإسلامية»، و «أصول النظام الاجتماعي في الإسلام والتحرير والتنوير». راجع ترجمته في: «الأعلام» للزرِكلِيّ (٦/ ١٧٤).
(٣) «التحرير والتنوير» لابن عاشور (٢/ ١٠٤).

<<  <   >  >>