للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرضاع غير محدد؛ ولم يجز أن تكون جامعة لأكثرهما لزيادتهما على هذه المدة؛ ولم يجز أن تكون جامعة لأكثر الحمل وأقل الرضاع لأن أقله غير محدد؛ فلم يبق إلا أنها جامعة لأقل الحمل وأكثر الرضاع ثم ثبت أن أكثر الرضاع حولان لقول الله {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} فعلم أن الباقي وهو ستة أشهر مدة أقل الحمل» (١).

٢ - الإجماع.

قال الماوَرْدِيّ -رحمه الله-: «وأما انعقاد الإجماع فما روي أن رجلًا تزوج امرأة على عهد عثمان -رضي الله عنه- فولدت لستة أشهر فرافعها إليه، فهم عثمان برجمهما فقال له ابن عباس إن خاصمتك المرأة خصمتك بالقرآن. فقال عثمان -رضي الله عنه- ومن أين ذلك؟ فقال قال الله {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥]، وقال {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣]، فإذا ذهب الحولان من ثلاثين شهرا كان الباقي لحمله ستة أشهر. فعجب الناس من استخراجه، ورجع عثمان ومن حضر رضي الله تعالى عنهم إلى قوله فصار إجماعًا» (٢).

وقال ابن القَيِّم -رحمه الله-: «قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥]، فأخبر تعالى أن مدة الحمل والفطام ثلاثون شهرا وأخبر في آية البقرة أن مدة تمام الرضاع {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} فعلم أن الباقي يصلح مدة للحمل وهو ستة أشهر، فاتفق الفقهاء كلهم على أن المرأة لا تلد لدون ستة أشهر إلا أن يكون سقطا وهذا أمر تلقاه الفقهاء عن الصحابة -رضي الله عنهم-» (٣).


(١) «الحاوي الكبير» للماوَرْدِيّ (١١/ ٢٠٤).
(٢) «الحاوي الكبير» للماوَرْدِيّ (١١/ ٢٠٤ - ٢٠٥).
(٣) «تُحْفَة المَوْدُود» لابن القَيِّم (ص ٢٦٥).

<<  <   >  >>