فلقد ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جمع القرآن في مصحف واحد، فلما مات الكثير من القُرَّاء على عهد أبي بكر -رضي الله عنه- في حروب الردة، خاف عمرُ -رضي الله عنه- ومِن بعدِه بقيةُ الأصحاب من ضياع القرآن فعَمَدوا إلى جمعه، فكان موت القراء سببًا للجمع الذي تركه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وإذا أردنا أن نقترب أكثر من موضوع رسالتنا، نقول: إن تقدم الطب الشرعي قد مكَّن القضاء من إثبات الحقوق لأصحابها وإقامة العدل في كثير من القضايا، وإن الطب الشرعي لم يكن بشكله المعاصر موجودًا أيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم يعتبِرْه من أدوات الإثبات في القضاء، ولم ينطق الوحي تصريحًا بجعله من أدلة الإثبات. ولكنَّ القضاء الإسلامي في زماننا ينبغي أن يضع هذه الوسيلة لإقامة العدل موضع الانتفاع، لاسيما إن كانت دقتها تصل في بعض الأحوال إلى مِائة بالمِائة، وهو ما لا يتحقق حتى مع شَهادة العدول. وهذه الوسائل، وإن قَصُرت عن إثبات الحدود التي تُدرأ بالشبهات - في غير ما جرى عليه عمل الصحابة - فلا أقل من أن تستعمل في التعزير الرادع ورفع المظالم وإقامة العدل بين الناس.
ب- وجود العارض أو زواله:
كما امتنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن هدم الكعبة وإدخال الحِجر فيها لحَداثة عهد قريشٍ بجاهلية، ثم فعل ذلك عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- زمنَ خلافته لتمكُّن الإسلام.
ج- تغير الآلات والوسائل:
فإن الشريعة في أبواب المعاملات جاءت بقواعدَ عامةٍ - في الأكثر- ولم تُسهِب في تحديد الوسائل حتى تبقى مرنةً صالحةً لكل زمانٍ ومكانٍ.
وإن الوسائل في الحياة المعاصرة قد تغيرت كثيرًا، لذا وجب أن نُعِد الدبابة والطائرة