للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - وأما استدلالهم بقضاء عمر -رضي الله عنه- في جعله الولد بين المدعيين، فإنه وإن صحح بعض أهل الحديث رواية: «فجعله بينهما»، إلا أن المتقدمين من أهل الحديث الذين رووا كل هذه الأخبار رجحوا رواية «والِ أيهما شئت».

قال البَيْهَقِيّ: «هاتان الروايتان [روايتا «فجعله بينهما»] رواية البصريين عن سعيد ابن المُسَيَّب عن عمر وروايتهم عن الحسن عن عمر -رضي الله عنه- كلتاهما منقطعة وفيهما لو صحتا دلالة مع ما تقدم على الحكم بالشبه والرجوع عند الاشتباه إلى قول القافة فأما إلحاقه الولد بهما عند عدم القافة فالبصريون ينفردون به عن عمر -رضي الله عنه- ورواية الحجازيين عن عمر -رضي الله عنه- على ما مضى ورواية الحجازيين عنه أولى بالصحة [رواية «وال أيهما شئت»]، ورواية يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن عمر -رضي الله عنه- موصولة ورواية سليمان بن يسار لها شاهدة وكلاهما يثبت قول عمر -رضي الله عنه-» (١).

وقال الطَّحَاوِيّ: «مرسل سليمان بن يسار وعُرْوَة أولى من مرسل أبي المهلب والحسن وأما رواية قَتَادَة عن ابن المُسَيَّب فهي منقطعة وقد عارضها رواية الحجازيين عن عُرْوَة وسليمان بن يسار ورواية أسلم المنقري عن عبد الله بن عبيد بن عمير في قصة عبد الرحمن بن عوف فهذا أثبت والحجازيون أعرف بأحكام عمر ومع روايتهم رواية هشام بن عُرْوَة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال أتى رجلان إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- يختصمان في غلام من أولاد الجاهلية يقول هذا هو ابني ويقول هذا هو ابني فدعا عمر قافيًا من بني المصطلق فسأل عن الغلام فنظر إليه المصطلقي ونظر ثم قال لعمر قد اشتركا فيه جميعًا فقام عمر إليه بالدرة فضربه بها حتى اضطجع ثم قال والله لقد ذهب بك النظر إلى غير مذهب ثم دعا أم الغلام فسألها فقالت إن هذا لأحد الرجلين وقع بي على نحو ما كان يفعل فحملت فيما أرى فأصابتني هراقة من دم حتى وقع في نفسي أن لا شيء في بطني ثم أن هذا الآخر وقع بي فوالله ما أدري من أيهما هو فقال عمر للغلام اتبع أيهما شئت فقام الغلام فاتبع


(١) «سُنَن البَيْهَقِيّ الكُبْرَى» كتاب الدعوى والبينات، باب القافة ودعوى الولد (١٠/ ٢٦٤).

<<  <   >  >>