للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما قال عبد الرحمن فكأني أنظر إليه متبعا لأحدهما فذهب به» (١).

٣ - وأما قول الكوفيين كأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد - رحمهم الله - لا يقضى بقول القافة في شيء لا في نسب ولا في غيره وإن ادعى رجلان مسلمان ولدا جعل بينهما، فلا يصح، وقد عمل الجمهور من أهل الحجاز وغيرهم في القضاء بالقافة ... قال ابن عبد البر: «وقد زعم بعض من لا يرى القول بالقافة أن عمر إنما ضرب القائف بالدرة لأنه لم ير قوله شيئا يعمل به وهذا تعسف يشبه التجاهل لأن قضاء عمر بالقافة أشهر وأعرف من أن يحتاج إلى شاهد بل إنما ضربه بقوله اشتركا فيه وكان يظن أن ماءين لا يجتمعان في ولد واحد استدلالًا بقوله تعالى إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الحجرات ١٣ ولم يقل من ذكرين وأنثى ألا ترى انه قضى بقول القائف وقال والِ أيهما شئت» (٢).

والحقيقة أنه لم يقض بقول القائف، ولكنه لما عجز القافة عن نسبته أمره أن يوالي من شاء كما لو لم يكن ثم قائف.

٤ - وأما زعم الإجماع فبعيد، وقد اختلفت الروايات عن عمر نفسه، وحديث إقراع علي في اليمن وإقرار النبي له مشهور معروف.

٥ - وأما نسبتهم هذا القضاء بالإشراك لعلي -رضي الله عنه- فلم يصح عنه (٣)، وإنما الذي صح عنه هو الإقراع. وإن صح عن عمر أو علي مثل هذا القضاء، فإنه رأي وليس رأيهما مع وجود المخالف بحجة.

٦ - وأما الاستواء في الاستحقاق وتجزؤ أحكام النسب، فله وجه، ولكن لما كان لا يُصْلِح الولد أن يكون له والدان، كان الصواب عند العجز عن إلحاقه بأحدهما أن


(١) «مَعْرِفَة السُّنَن والآثَار» (٧/ ٤٧٤)؛ ورواية يحيى قال عنها البَيْهَقِيّ: «هذا إسناد صحيح موصول». انظر: «سُنَن البَيْهَقِيّ الكُبْرَى» كتاب الدعوى والبينات، باب القافة ودعوى الولد (١٠/ ٢٦٣).
(٢) «الاسْتِذْكَار» لابن عبد البَرّ (٧/ ١٧٤).
(٣) انظر «إرْوَاء الغَلِيل» (٦/ ٢٧).

<<  <   >  >>