للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخير إن كان مميزًا أو يقرع بينهما إن كان لم يميز. وقد يتجه أن يتربص به حتى يميز فيختار. وسوف نرى أن الطب الحديث يحل هذه المشكلة بفضل من الله.

وأما استدلالاتهم الطبية فالجواب عنها في المطلب الآتي ولكن قبل أن ننتهي من هذا المطلب نذكر أن القائلين بالاشتراك ليس بالضرورة يقولون أن الحمل يكون من ماءين.

جاء في «فَتْح القَدِير»: «(وإن ادعياه معا ثبت نسبه منهما) ... والنسب وإن كان لا يتجزأ ولكن تتعلق به أحكام متجزئة، فما يقبل التجزئة يثبت في حقهما على التجزئة، وما لا يقبلها يثبت في حق كل واحد منهما كاملا كأن ليس معه غيره» (١) فأقر بأن النسب لا يتجزأ ولكن أحكامه هي التي قد تتجزأ.

وصرح بهذا المعنى في البَحْر الرَّائق: «(قوله: ولو ادعى ولد أمة مشتركة ثبت نسبه، وهي أم ولده، ولزمه نصف قيمتها ونصف عقرها لا قيمته) أما ثبوت النسب فلأنه لما ثبت في نصفه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي ضرورة أنه لا يتجزأ لما أن سببه لا يتجزأ وهو العلوق إذ الولد الواحد لا يعلق من ماءين» (٢).

ولكن الإشكال في حل المعضلة عند عدم القدرة على الإلحاق بأحد الأبوين، ولذلك فإن المالكية المصرحين باستحالة تكون الولد من ماء أبوين يقولون بالاشتراك في بعض الأحكام، فقد جاء في الاسْتِذْكَار: «ولم يختلف قول مالك وأصحابه إذا قالت القافة قد اشتركا فيه أن يوقف الصبي حتى يبلغ فيقال له وال أيهما شئت وإنه إن مات قبل البلوغ والموالاة كان ميراثه بين الأبوين» (٣).

* * *


(١) «فَتْح القَدِير» لابن الهُمَام (٥/ ٥٤). وما بين الأقواس لصاحب الهِدَايَة، الإمام المَرْغِينانِيّ -رحمه الله-.
(٢) «البَحْر الرَّائق» لابن نُجَيْم (٤/ ٢٩٦). وما بين الأقواس لصاحب كَنْز الدَّقَائق، حافظ الدين أبي البركات عبد الله بن أحمد النَّسَفي -رحمه الله-.
(٣) «الاسْتِذْكَار» لابن عبد البَرّ (٧/ ١٧٤).

<<  <   >  >>