للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن الإمام ابن حَزْم، وقد ذهب إلى ما ذهب إليه ابن قُدامة من ترجيح أنها تعتد بالأقراء مهما طال الزمان قد نقل في «المُحَلَّى» ما يأتي:

* عن سعيد بن المُسَيَّب قال: إذا كانت في الأشهر مرة - يعني الحيض - فعدتها سنة

عن جابر بن زيد قال: إذا كانت تحيض في كل سنة مرة يكفيها ثلاثة أشهر (١).

وظاهر هذه الأقوال أنها في صاحبة العادة، وأما مختلفة الأقراء فالخلاف فيها أكثر، ففي «المُحَلَّى»:

* عن طاووس (٢) قال: إذا كانت تحيض حيضا مختلفا أجزأ عنها أن تعتد ثلاثة أشهر

عن عِكْرِمَة قال: إذا كانت تحيض حيضا مختلفا فإنها ريبة عدتها ثلاثة أشهر، قال قَتَادَة: تعتد المستحاضة ثلاثة أشهر (٣).

إن المذاهب الأربعة تتفق على أن صاحبة الأقراء التي عادتها تباعد أقرائها فإنها تعتد بهذه الأقراء مهما طال الزمن (٤) ولكن من الإنْصَاف بيان وقوع الخلاف في الصدر الأول بهذا الشأن، وأنه كان أكثر في مختلفة الأقراء؛ أما المريضة بمرض يعرف ويرجى برؤه فلا


(١) «المُحَلَّى» لابن حَزْم (٣/ ١٨٣).
(٢) هو: أبو عبد الرحمن طاووس بن كَيْسَان الخَوْلانِيّ الهَمْدانِيّ، من أكابر التابعين، تفقها في الدين ورواية للحديث، وتقشفا في العيش، وجرأة على وعظ الخلفاء والملوك؛ أصله من الفرس، ومولده في اليمن سنة ٣٣ هـ، ومنشؤه بها وتوفي حاجًا بالمزدلفة أو بمنى سنة ١٠٦ هـ، وكان هشام بن عبد الملك حاجًا تلك السنة، فصلى عليه. راجع ترجمته في: «طَبَقَات الفُقَهَاء» (١/ ٦٥)، «وَفَيَات الأعْيَان» (٢/ ٥٠٩)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (٥/ ٣٨)، «شَذَرَات الذَّهَب» (١/ ١٣٣).
(٣) المصدر السابق.
(٤) انظر «المُغْنِي» لابن قُدامة (٨/ ٩٠)؛ و «بَدَائع الصَّنَائع» للكَاسَانِيّ (٣/ ١٩٥)؛ و «التَّاج والإكْلِيل» للمَوَّاق (٤/ ١٤٣)؛ و «الأُمّ» للشافعي (٥/ ٢١١)؛ و «مختصر الخرقي» (١/ ١١٠).

<<  <   >  >>