للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعليق: هنا يبدأ التفصيل في الكلام عن تحديد جنس الخنثى. ويبدأ بالكلام عن المبال. والحقيقية الطبية في زماننا تبين أن الاعتماد على المبال قد يؤدي إلى الخطأ؛ فإن الطفل الذكر قد تكون فتحة البول عنده أسفل القضيب (١)، فيبول كما المرأة فيحكم عليه بالأنوثة وهو ذكر، وإن كان التشوه الحاصل له علامة على ضعف في الذكورة. ولكن قد لا يكون هناك في بعض الأزمنة أو الأمكنة الطبيب الكفء، لذا فإن اعتماد المبال يأخذ حكم الضرورة عند حاجتهم لتحديد الجنس قبل البلوغ - أو بعده في حالات نادرة جدًا - أما عند وجود الأطباء الأكفاء، فإنه لا ينبغي قطعًا الحكم على جنس المولود دون مراجعتهم؛ فإن الظن لا يغني من الحق شيئًا.

ويحسن التنبيه هنا إلى أن الفقهاء على شتى مذاهبهم يعتبرون المبال على اختلاف بينهم في التفاصيل؛ جاء في «المَبسُوط»: «فإن ما يقع به الفصل بين الذكر والأنثى عند الولادة الآلة ... وعند انفصال الولد من الأم منفعة تلك الآلة خروج البول منها ... فإذا كان يبول من مبال الرجل عرفنا أن آلة الفصل في حقه هذا وأن الآخر زيادة خرق في البدن، فإذا كان يبول من مبال النساء عرفنا أن الآلة هذا وأن هذا بمنزلة مبالين في البدن ... وإن كان يبول منهما جميعًا معًا قال أبو حنيفة -رحمه الله- لا علم لي بذلك، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: يورث بأكثرهما ... وتوقف [أبو حنيفة] في الجواب لأنه لا طريق للتمييز بالرجوع إلى المعقول، ولم يجد فيه نصًّا فتوقف وقال: لا أدري، وهذا من علامة فقه الرجل وورعه أن لا يخبط في الجواب ... وكذلك أبو يوسف ومحمد قالا: إذا استويا في المقدار لا علم لنا بذلك ولم ينقل عن أحد منهم أنه علم ذلك أو وقف فيه على دليل .. » (٢).


(١) Hypospadias
(٢) «المَبسُوط» للسَّرَخْسِيِّ (٣٠/ ١٠٤).

<<  <   >  >>