للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجاب بأنه لا دليل له، وقوله ليس أولى من قول ابن عمه ولم يأت لا بشهود ولا بأي دليل على دعواه، وهذا غير الحكم بالقرائن التي يكون بعضها قاطعًا.

٤ - عن الْقَاسِمِ بن مُحَمَّدٍ قال: «ذكر ابن عَبَّاسٍ المُتَلاعِنَينِ فقال عبد اللهِ بن شَدَّادٍ هِيَ التي قال رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لو كنت رَاجِمًا امْرَأَةً عن غَيْرِ بَيِّنَةٍ؟ قال [أي ابن عباس] لا تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ» (١).

والشاهد أنه لا يرجم من غير بينة، وإن كانت هناك قرينة على الزنا. ويجاب عليه بالأجوبة على حديث هلال، وبأن القرينة كانت ضعيفة، فقد جاء بيانها فيما رواه ابن ماجه عن ابن عَبَّاسٍ قال: قال رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لو كنت رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ فُلَانَةَ فَقَدْ ظَهَرَ منها الرِّيبَةُ في مَنْطِقِهَا وَهَيْئَتِهَا وَمَنْ يَدْخُلُ عليها» (٢) والهيئة والمنطق ودخول الأجانب على المرأة قرينة ضعيفة بلا شك على الزنا.

٥ - وعن ابن عبَّاس -رضي الله عنه-: «شَرِبَ رَجُلٌ فَسَكِرَ فَلُقِيَ يَمِيلُ في الْفَجِّ فَانْطُلِقَ بِهِ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما حَاذَى بِدَارِ الْعَبَّاسِ انْفَلَتَ فَدَخَلَ على الْعَبَّاسِ فَالْتَزَمَهُ فَذُكِرَ ذلك لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَضَحِكَ وقال: أَفَعَلَهَا ولم يَأْمُرْ فيه بِشَيْءٍ» (٣).

والشاهد عدم قضائه -صلى الله عليه وسلم- بحده رَغم قرينة السكر، وقد يجاب بأن قرينة الرائحة والتقيؤ مع وجود السكر أقوى من السكر وحده. والجواب الأقوى هو ما أجاب به الحافظ -رحمه الله- في الفتح حيث قال: «وأخرج الطَّبَرِيّ من وجه آخر عن ابن عباس ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخمر إلا أخيرًا ولقد غزا تبوك فغشى حجرته من الليل سكران


(١) «صَحِيح البُخَارِيّ» كتاب المحاربين، باب من أظهر الفاحشة واللطْخ والتُّهَمَة من غير بينة (٦/ ٢٥١٣).
(٢) «سُنَن ابن مَاجَه» كتاب الحدود، باب من أظهر الفاحشة (٢/ ٨٥٥).
(٣) «سُنَن أبي دَاوُد» كتاب الحدود، باب الحد في الخمر (٤/ ١٦٢). وقد سكت عنه أبو داود.

<<  <   >  >>