للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال ليقم إليه رجل فيأخذ بيده حتى يرده إلى رحله. والجواب أن الإجماع انعقد بعد ذلك على وجوب الحد لأن أبا بكر تحرى ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ضرب السكران فصيره حدًّا واستمر عليه وكذا استمر من بعده وإن اختلفوا في العدد. وجمع القُرْطُبِيّ بين الأخبار بأنه لم يكن أولا في شرب الخمر حد وعلى ذلك يحمل حديث ابن عباس في الذي استجار بالعباس. ثم شرع فيه التعزير على ما في سائر الأحاديث التي لا تقدير فيها ثم شرع الحد» (١).

٦ - روي أنه أُتي برجل وُجِد في خَرِبة بيده سِكِّين ملطخةٌ بدم، وبين يديه قتيل يتشحَّط في دمه، فسأله علي -رضي الله عنه- فقال: «أنا قتلته»، قال علي: «اذهبوا به فاقتلوه»، فلما ذهبوا به أقبل رجل مسرعًا، فقال: «يا قوم لا تعجلوا ردّوه إلى علي»، فردوه، فقال الرجل: «يا أمير المؤمنين ما هذا صاحبه أنا قتلته» فقال علي للأول: «ما حملك على أن قلت: أنا قتلته ولم تقتله؟» قال: «يا أمير المؤمنين وما أستطيع أن أصنع وقد وقف العَسَس على الرجل يتشحَّط في دمه وأنا واقف وفي يدي سكين وفيها أثر الدم، وقد أخذت في خَربة، فخفت ألا يُقبَل مني وأن يكون قَسَامة فاعترفت بما لم أصنع واحتسبت نفسي عند الله»، فقال علي: «بئسما صنعت فكيف كان حديثك؟» قال: «إني رجل قصَّاب وخرجت إلى حانوتي في الغَلَس فذبحت بقرة وسلختها، فبينما أنا أصلحها والسكين في يدي أخذني البول فأتيت خربة كانت بقربي فدخلتها، فقضيت حاجتي، وعدت أريد حانوتي فإذا أنا بهذا المقتول يتشحط في دمه، فراعني أمره فوقفت أنظر إليه والسكين في يدي، فلم أشعر إلا بأصحابك قد وقفوا وأخذوني فقال الناس: «هذا قتل هذا ما له قاتل سواه»، فأيقنت أنك لا تترك قولهم لقولي، فاعترفت بما لم أجنه»، فقال علي للمقر الثاني: «فأنت كيف قصتك؟» فقال: «أغواني


(١) «فَتْح البَارِي» لابن حَجَر (١٢/ ٧٢).

<<  <   >  >>