للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحابة حد الزنا والخمر باللوث الذي هو نظير هذا أو قريب منه وهو الحمل والرائحة ... ولما انكشف الأمر بخلاف ذلك تعين الرجوع إليه، كما لو شهد أربعة بزنا المرأة لم يحكم برجمها إذا ظهر أنها عذراء أو ظهر كذبهم» (١).

فابن القَيِّم هنا يقول إنه -صلى الله عليه وسلم- أمر برجم الرجل الذي وجد عند المرأة وليس هناك ما يدعوه إلى إصدار هذا الحكم بالرجم إلا القرائن الظاهرة.

وابن العَرَبِيّ يجعل الأمر بالرجم لاستخراج الحق ولا يجوزه لغير الرسول -صلى الله عليه وسلم- (٢). وجوابه -رحمه الله- لا يخلو من نظر، ففيه تحكم، والتخصيص لا يظهر، ودعواه مفتقرة إلى الدليل، والأصل في فعله التأسي. ولكن اضطراب الرواية يجعل الحديث مما لا ينبغي أن يستدل به أي من الفريقين.

٨ - قد توجد المسروقات لدى بريء كما في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف: ٦٩]

وهذا صحيح ولكن القاضي لا يأخذ القرائن بمعزل عن غيرها من السياق والسباق والأحوال والشواهد والملابسات، ولكنْ يُعمل ذِهنَه في طلب الحقيقة، آخذًا في اعتباره كل ما لديه من أدوات الوصول إليها، ومنها القرائن.

وأساليب التحقيق الجنائي الحديثة قد حققت من التقدم ما لا ينبغي التغافل عنه. وإن هذا الوزير نافذ الأمر قد يأمر عشرة من غير أقاربه وأعوانه لا اثنين أن يشهدوا له على خصمه إن شاء.


(١) «الطُّرُق الحُكمِيَّة» لابن القَيِّم (١/ ٨٤).
(٢) «عارضة الأحوذي بشرح سُنَن التِّرْمِذِيّ» لابن العَرَبِيّ، دار الكتب العلمية ببيروت (٦/ ٢٣٧).

<<  <   >  >>